بَيْنَهُمَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فَقَالَ: يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَضَافَ مُعَاذًا إِلَى أَبِي مُوسَى بَعْدَ سَبْقِ وِلَايَتِهِ لَكِنْ قَبْلَ تَوَجُّهِهِ فَوَصَّاهُمَا عِنْدَ التَّوَجُّهِ بِذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَصَّى كُلًا مِنْهُمَا وَاحِدًا بَعْدَ آخَرٍ (١).
* سُؤَالُ أَبِى مُوسَى -رضي اللَّه عنه-:
ثُمَّ سَأَلَ أَبُو مُوسَى -رضي اللَّه عنه- رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِنَّ أَرْضَنَا (٢) بِهَا شَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ، يُقَالُ له: الْمِزْرُ (٣)، وَشَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ، يُقَالُ له: الْبِتْعُ (٤).
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" (٥).
* فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ جِدًّا:
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ دَلَّ بَعْثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الْيَمَنِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا فَطِنًا حَاذِقًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُوَلِّهِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْإِمَارَةَ، وَلَوْ كَانَ فَوَّضَ الْحُكْمَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَوْصِيَتِهِ بِمَا وَصَّاهُ بِهِ، وَلذَلِكَ
(١) انظر فتح الباري (١٤/ ٢٧٥).
(٢) أي اليمن؛ لأن أبا موسى -رضي اللَّه عنه- من اليمن.
(٣) المِزْر: بكسر الميم: نبيذ يتخذ من الذرة، وقيل: من الشعير أو الحنطة. انظر النهاية (٤/ ٢٧٦).
(٤) الْبِتْع: بكسر الباء: نبيذ العسل، وهو خمر أهل اليمن. انظر النهاية (١/ ٩٤).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب بعث أبي موسى ومعاذ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إلى اليمن - رقم الحديث (٤٣٤٣) (٤٣٤٤) - ومسلم في صحيحه - كتاب الأشربة - باب بيان أن كل مسكر خمر - رقم الحديث (٢٠٠١) (٧٠) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٩٦٧٣).