وَسُورَةُ النَّصْرِ هِيَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: تَعْلَمُ آخِرَ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، نَزَلَتْ جَمِيعًا؟
قُلْتُ: نَعَمْ، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟
قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: صَدَقْتَ (١).
قُلْتُ: وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْبَرَاءَ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ -وَهِيَ التَّوْبَةُ- (٢).
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ آخِرِيَّةَ سُورَةِ النَّصْرِ نُزُولُهَا كَامِلَةً، بِخِلَافِ بَرَاءَةٍ، فَإِنَّ غَالِبهَا نَزَلَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهِيَ آخِرُ غَزَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).
٢ - مُدَارَسَةُ الْقُرْآنِ:
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَعْرِضُ (٤) الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ فِي رَمَضَانَ عَلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَرَّةً، فَعَرَضَهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ الذِي قُبِضَ فِيهِ مَرَّتَيْنِ، فَقَدْ أَخْرَجَ
= وَالْفَتْحُ} - رقم الحديث (٤٩٦٧) - ومسلم في صحيحه - كتاب الصلاة - باب ما يقال في الركوع والسجود - رقم الحديث (٤٨٤) (٢١٩).
(١) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب التفسير- رقم الحديث (٣٠٢٤).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب (١) - رقم الحديث (٤٦٥٤).
(٣) انظر فتح الباري (٩/ ٢١١ - ٧٥٩).
(٤) قال ابن الأثير في النهاية (٣/ ١٩٢): أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، من المعارضة: المقابلة.