* اشْتِدَادُ أَذَى قُرَيْشٍ:
واشْتَدَّتْ ضَرَاوَةُ المُشْرِكِينَ بِالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، حتَّى سَامُوهُمْ أَلْوَانًا مِنَ العَذَابِ فكانُوا يَأْخُذُونَهُمْ، ويُلْبِسُونَهُمْ أدْرَاعَ الحَدِيدِ، ثُمَّ يَصْهَرُونَهُمْ في الشَّمْسِ (١).
رَوَى ابنُ إسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ قال: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ: أكَانَ المُشْرِكُونَ يَبْلُغُونَ مِنْ أصْحَابِ رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ العَذَابِ مَا يُعْذَرُونَ في تَرْكِ دِينِهِمْ؟
قال: نَعَمْ واللَّهِ، إِنْ كَانُوا لَيَضْرِبُونَ أحَدَهُمْ، ويُجِيعُونَهُ، ويُعَطِّشُونَهُ حتَّى ما يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَوِيَ جَالِسًا مِنْ شِدَّةِ الضُّرِّ الذِي نَزَلَ بِهِ، حَتَّى يُعْطِيَهُمْ ما سَأَلُوهُ مِنَ الفِتْنَةِ، حتَّى يَقُولُوا له: اللَّاتُ والعُزَّى إِلَهُكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟
فَيَقُولُ: نَعَمْ، حتَّى إِنَّ الجُعْلَ (٢) لَيَمُرُّ بِهِمْ، فَيَقُولُونَ لَهُ: أَهَذَا الجُعْلَ إلَهُكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، افْتِدَاءً مِنْهُمْ مِمَّا يَبْلُغُونَ مِنْ جَهْدِهِ (٣).
* شَكْوَى الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:
فلَمَّا طَالَ العَذَابُ عَلَى المُسْلِمِينَ ذَهَبَ خَبَّابُ بنُ الأَرَتِّ -رضي اللَّه عنه- إِلَى رسُولِ
(١) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٣٨٣٢) - ابن ماجه في سننه - المقدمة - باب في فضائل أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رقم الحديث (١٥٠) وإسناده حسن.
(٢) الجُعْلُ: هو حَيَوان مَعرُوفٌ كالخُنْفُسَاءِ. انظر النهاية (١/ ٢٦٨).
(٣) انظر سيرة ابن هشام (١/ ٣٥٧).