المُسْلِمُونَ قَدِ انْطَلَقُوا آمِنِينَ (١).
وأقامَ المُسْلِمُونَ في الحَبَشَةِ بِخَيْرِ دارٍ عِنْدَ خَيْرِ جارٍ بَقِيَّةَ رَجَبٍ، وشَعْبَانَ إِلَى رَمَضَانَ، ثُمَّ عادُوا إِلَى مَكَّةَ (٢) -كَمَا سَيَأْتِي-.
* سُجُودُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ:
في رَمَضانَ مِنَ السَّنَةِ الخامِسَةِ لِلْبِعْثَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الحَرَمِ، وَكَانَ هُنَاكَ جَمْعٌ كَبِيرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، كَانَ فِيهِ سَادَاتُها وكُبَرَاؤُهَا، فَأخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتْلُو سُورَةَ النَّجْمِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ السَّجْدَةَ سَجَدَ، وسَجَدَ مَعَهُ القَوْمُ جَمِيعًا، المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ، إِلَّا رَجُلَانِ، هُما: أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ، والمُطَّلِبُ بنُ أَبِي وَدَاعَةَ.
رَوى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أوَّلَ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيها سَجْدَةٌ "والنَّجْمِ"، قَالَ: فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلَّا رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وهُوَ أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ (٣).
ورَوَى الإِمَامُ أحمَدُ في مُسْنَدِهِ والحاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنِ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَداعَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: رَأيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَجَدَ في النَّجْمِ، وسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ،
(١) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (١/ ٩٨) - زاد المعاد (٣/ ٢١).
(٢) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (١/ ٩٩).
(٣) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} - رقم الحديث (٤٨٦٣) - وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب المساجد - باب سجود التلاوة - رقم الحديث (٥٧٦).