رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ لَهُ: يا ابْنَ أخِي، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جاؤُوني، فزَعَمُوا أنَّكَ تُؤْذِيهِمْ في نادِيهِمْ، وفِي مَجْلِسِهِمْ فَانْتَهِ عَنْ ذَلِكَ، وأَبْقِ عَلَيَّ، وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلَا تُحَمِّلْنِي مِنَ الأَمْرِ ما لا أُطِيقُ.
فَحَلَّقَ (١) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِبَصَرِهِ إِلَى السَّماءِ، فَقَالَ: "تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟ ".
قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أنَا بِأَقْدَرَ عَلَى أَنْ أدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تُشْعِلُوا مِنْهَا شُعْلَةً".
فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: واللَّهِ، ما كَذَبَ ابْنُ أخِي قَطُّ، فَارْجِعُوا (٢)
ثُمَّ أطْلَقَ أَبُو طَالبٍ أبْيَاتَهُ المَشْهُورَةَ في نُصْرَةِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقاَل:
واللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ بَجَمْعِهِمْ ... حَتَّى أُوَسَّدَ في التُّرابِ دَفِينَا
فامْضِي لِأَمْرِكَ ما عَلَيْكَ غَضَاضَةً (٣) ... أَبْشِرْ وَقَرَّ بِذاكَ مِنْكَ عُيُونَا
= إلى الحسنِ بنِ عليّ: أن عَقِيلًا كان ممَّن ثبتَ يومَ حُنَيْنٍ، وكان -رضي اللَّه عنه- عالِمًا بأنسابِ قُرَيْشٍ ومآثِرِها ومَثَالِبهَا.
وفي تاريخ البخاري الأصغر بسندٍ صحيحٍ أَنَّ عَقِيلًا ماتَ في أوَّل خلافةِ يَزِيد قبل الحَّرة. انظر الإصابة (٤/ ٤٣٨).
(١) حلّقَ بِبَصرِهِ إلى السَّماء: رفَعَهُ. انظر النهاية (١/ ٤٠٩).
(٢) أخرج ذلك الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - باب ذكر عقيل بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٦٥٢٦) - وإسناده حسن - وانظر السلسلة الصحيحة للألباني رَحِمَهُ اللَّهُ - رقم الحديث (٩٢).
(٣) ما عليك غضاضة: أي ذل. انظر لسان العرب (١٠/ ٨٢).