قَالَ: هَاجَرَ خَالِدُ بنُ حِزَامٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فِي الطَّرِيقِ فَمَاتَ، فنَزَلَتْ فِيهِ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (١).
قَالَ الزُّبَيْرُ -رضي اللَّه عنه-: وَكُنْتُ أَتَوَقَّعُهُ، وَأَنْتَظِرُ قُدُومَهُ وَأَنَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَمَا أَحْزَنَنِي شَيْءٌ حُزْنَ وَفَاتِهِ حِينَ بَلَغَنِي، لِأَنَّهُ قَلَّ أَحَدٌ مِمَّنْ هَاجَرَ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا مَعَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ، أَوْ ذَوِي رَحِمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَلَا أَرْجُو غَيْرَهُ (٢).
قَالَ الْحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا الْأَثَرُ غَرِيبٌ جِدًّا، فَإِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَكِّيَّةٌ، وَنُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ مَدَنِيَّةٌ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا أُنْزِلَتْ تَعُمُّ حُكْمَهُ مَعَ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ سَبَبَ النُّزُولِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (٣).
* نُبْذَةٌ عَنْ خَالِدٍ بْنِ حِزَامٍ -رضي اللَّه عنه-:
وَخَالِدُ بنُ حِزَامٍ -رضي اللَّه عنه-، أَخُو حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ -رضي اللَّه عنه-، وَابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَسْلَمَ قَدِيمًا، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ الهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ، فنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ (٤).
(١) سورة النساء، آية (١٠٠) - قلت: المشهور أن هذه الآية نزلت في جُندب بن ضَمرة -رضي اللَّه عنه-، وهو الذي رجحه الحافظ في الإصابة (٢/ ١٦٩).
(٢) أورد هذا الخبر: ابن كثير في تفسيره (٢/ ٣٩٢) - والألباني في السلسلة الصحيحة - رقم الحديث (٣٢١٨) - وحسَّن إسناده.
(٣) انظر تفسير ابن كثير (٢/ ٣٩٢).
(٤) انظر أسد الغابة (٢/ ٨٣).