عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ حِينَ حَصَرُوهُمْ فِي الشِّعْبِ، والسَّبَبُ الثَّانِي إِجَارَتُهُ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عِنْدَمَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ عِنْدَمَا رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وهَذَا مِنْ شِيَمِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الكَرِيمَةِ تَذَكَّرَ وَقْتَ النَّصْرِ، والظَّفَرِ لِلْمُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ هَذَا الجَمِيلَ (٢).
* اسْتِهْزَاءُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ:
وَقَدْ أَرَادَ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَسْتَهْزِئَ بِالرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَيْفَ يَحْتَاجُ نَبِيٌّ إِلَى جِوَارٍ، وَكَأَنَّهُ يَتَسَاءَلُ لِمَ لَمْ تَنْزِلِ المَلَائِكَةُ لِحِفْظِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟
فَقَالَ لَعَنَهُ اللَّهُ لَمَّا رَأَى الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَخَلَ المَسْجِدَ الحَرَامَ، وَالمُشْرِكُونَ عِنْدَ الكَعْبَةِ: هَذَا نَبِيُّكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! فَرَدَّ عَلَيْهِ عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ، وَقَالَ: ومَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مِنَّا نَبِيٌّ أَوْ مَلَكٌ؟
فَلَمَّا سَمِعَهُمُ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- أتَاهُمْ، فَقَالَ: "أَمَّا أَنْتَ يَا عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ، فَوَاللَّهِ مَا حَمَيْتَ للَّهِ وَلَا لِرَسُولهِ، ولكِنْ حَمَيْتَ لِنَفْسِكَ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أبَا جَهْلِ بنَ هِشَامٍ، فَوَاللَّهِ لَا يَأْتِي عَلَيْكَ غَيْرُ كبِيرٍ مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى تَضْحَكَ قَلِيلًا، وتَبْكِيَ كَثِيرًا، وَأَمَّا أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ المَلَأِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَوَاللَّهِ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ غَيْرُ كبِيرٍ مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى تَدْخُلُوا فِيمَا تُنْكِرُونَ، وأَنْتُمْ كَارِهُونَ" (٣).
(١) انظر فتح الباري (٨/ ٥٩ - ٦٠).
(٢) انظر شرح المواهب (٢/ ٦٧).
(٣) أخرج ذلك الطبري في تاريخه (١/ ٥٥٥) بدون إسناد - وابن سعد في طبقاته (١/ ١٠٢) من طريق الواقدي، وإسناده ضعيف.