وَسَيِّدُ الشَّبَابِ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه-.
تَأَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَمَا يَتَأَخَّرُ الرُّبَّانُ الشَّرِيفُ عَلَى ظَهْرِ البَاخِرَةِ المَيْئُوسِ مِنْهَا فَلَا يَنْزِلُ حَتَّى يَنْزِلَ الرّكَّابُ جَمِيعًا، وَكَمَا يَتَأَخَّرُ الرَّاعِي الأَمِينُ، عِنْدَ المَفَازَةِ (١) فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَجُوزَ القَطِيعُ كلُّهُ، تَأَخَّرَ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَحْمِي أَتْبَاعَهُ، وَيَسْتَقْبِلُ بِصَدْرِهِ الخَطَرَ (٢).
* اطْلَاعُ اللَّهِ تَعَالَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِأَمْرِ قُرَيْشٍ:
وَقَدْ أَطْلَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى تَبْيِيتِ المُشْرِكِينَ قَتْلَهُ، كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلَ قَلِيلٍ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (٣)، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- أَنْ يَبِيتَ فِي فِرَاشِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وَلَمَّا أُذِنَ لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالهِجْرَةِ قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ يُهَاجِرُ مَعِي؟ ".
قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ (٤).
فَذَهَبَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- لِيُخْبِرَهُ بِذَلِكَ، وَليُرَتِّبَ مَعَهُ أَمْرَ الهِجْرَةِ.
(١) المَفَازَةُ: هي البرية القَفْرُ، سُميت بذلك؛ لأنها مُهْلِكة. انظر النهاية (٣/ ٤٣٠).
(٢) انظر كتاب رجال من التاربخ للشيخ علي الطنطاوي رحمه اللَّه تعالى ص ١٥.
(٣) سورة الأنفال آية (٣٠).
(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب الهجرة - باب هجرة أبي بكر إلى المدينة مع جميع أمواله - رقم الحديث (٤٣٢٥) - وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد والمتن ولم يخرجاه - وقال الذهبي: صحيح غريب.