قَالَ: "رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ المَدِينَةِ، حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةٍ (١)، وهِيَ الجُحْفَةُ فَأوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ المَدِينَةِ نُقِلَ إِلَيْهَا" (٢).
* فَوَائِدُ الْحَدِيثِ:
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: وفي هَذَا الحَدِيثِ مِنَ الفَوَائِدِ:
١ - الدُّعَاءُ لِلْمُسِلْمِينَ بِالصِّحَّةِ وطِيبِ بِلَادِهِمْ، وَالبَرَكَةِ فِيهَا، وَكَشْفِ الضُّرِّ وَالشَّدَائِدِ عَنْهُمْ، وهَذَا مَذْهَبُ العُلَمَاءَ كَافَّةً.
٢ - وَفِيهِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبوَّةِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَإِنَّ الجُحْفَةَ مِنْ يَوْمِئِذٍ مُجْتَنبةٌ، وَلَا يَشْرَبُ أَحَدٌ مِنْ مَائِهَا إِلَّا أصَابَتْهُ الحُمَّى (٣).
* إصَابَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِالحُمَّى:
وَقَدْ أُصِيبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا بِالحُمَّى، فَقَدْ أخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ البَرَاءِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى أهْلِهِ، فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أصَابَتْهَا الحُمَّى (٤) فَرَأَيْتُ أبَاهَا يُقَبِّلُ خَدَّهَا، وَقَالَ: كَيْفَ أنْتِ يَا بُنَيَّةُ (٥).
(١) مَهْيَعَة: بفتح الميم وسكون الهاء: اسم للجحفة. انظر النهاية (٤/ ٣٢١).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التعبير - باب إذا رأى أنه أخرج الشيء من كُوَّة وأسكنه مَوْضعًا آخر - رقم الحديث (٧٠٣٨) - (٧٠٣٩) - (٧٠٤٠).
(٣) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (٩/ ١٢٨).
(٤) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٧١): كان دخولُ البَرَاء -رضي اللَّه عنه- على أهل أَبِي بكر -رضي اللَّه عنه- قبلَ أن يَنْزِلَ الحِجَاب قَطْعًا، وأيضًا فكان حِينَئِذٍ دونَ البلوغ، وكذلك عائشة رضي اللَّه عنها.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب مناقب الأنصار - باب هجرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه=