الرَّبَّانِيِّينَ، فَإِنَّ السَّلَفَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ العَالِمَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى رَبَّانِيًّا (١) حَتَّى يَعْرِفَ الحَقَّ، ويَعْمَلَ بِهِ، ويُعَلِّمَهُ، فَمَنْ عَلِمَ وَعَمِلَ وَعَلَّمَ فَذَاكَ يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ.
* وَأَمَّا جِهَادُ الشَّيْطَانِ: فَمَرْتَبَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: جِهَادُهُ عَلَى دَفْعِ مَا يُلْقَى إِلَى العَبْدِ مِنَ الشُّبُهَاتِ والشُّكُوكِ القَادِحَةِ في الإِيمَانِ.
الثَّانِيَةُ: جِهَادُهُ عَلَى دَفْعِ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنَ الإِرَادَاتِ الفَاسِدَةِ والشَّهَوَاتِ.
فَالجِهَادُ الأَوَّلُ: يَكُونُ بَعْدَهُ اليَقِينِ، والثَّانِي بَعْدَهُ الصَّبْرُ. قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (٢) فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى أَنَّ إِمَامَةَ الدِّينِ، إِنَّمَا تُنَالُ بِالصَّبْرِ واليَقِينِ، فَالصَّبْرُ يَدْفَعُ الشَّهَوَاتِ وَالإِرَادَاتِ الفَاسِدَةَ، واليَقِينُ يَدْفَعُ الشُّكُوكَ والشُّبُهَاتِ.
* وَأَمَّا جِهَادُ الكُفَّارِ والمُنَافِقِينَ، فَأَرْبَعُ مَرَاتِبَ:
بِالقَلْبِ، واللِّسَانِ، والمَالِ، والنَّفْسِ، وجِهَادُ الكُفَّارِ أخَصُّ بِاليَدِ، وجِهَادُ المُنَافِقِينَ أَخَصُّ بِاللِّسَانِ.
(١) الرَّباني: هو العالِمُ الرَّاسخُ في العِلْم والدين، أو الذي يَطْلُبُ بعلمه وجهَ اللَّه تَعَالَى. انظر النهاية (٢/ ١٦٧).
(٢) سورة السجدة آية (٢٤).