يَأْجُرْهُ اللهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ عَلَى الرّزِيّةِ يُعَوّضْهُ اللهُ، وَمَنْ يَتّبِعْ السّمْعَةَ يُسَمّعْ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يَصْبِرْ يُضَاعِفْ اللهُ لَهُ، وَمَنْ يَعْصِ اللهَ يُعَذّبْهُ اللهُ. اللهُمّ اغْفِرْ لِي وَلِأُمّتِي، اللهُمّ اغْفِرْ لِي وَلِأُمّتِي، أَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ عَدِيّ يَقُولُ: جِئْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوكَ فَرَأَيْته عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ يَطُوفُ عَلَى النّاسِ يَقُولُ: أَيّهَا النّاسُ، يَدُ اللهِ فَوْقَ يَدِ الْمُعْطِي، وَيَدُ الْمُعْطِي الْوُسْطَى، وَيَدُ الْمُعْطَى السّفْلَى. أَيّهَا النّاسُ، اقْنَعُوا وَلَوْ بِحِزَمِ الْحَطَبِ! اللهُمّ، هَلْ بَلّغْت؟
ثَلَاثًا. فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَ لِيَ امْرَأَتَانِ (١) اقْتَتَلَتَا فَرَمَيْت فَأَصَبْت إحْدَاهُمَا (٢) فَرُمِيَ فِي رَمْيَتِي- يَعْنِي مَاتَتْ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: رُمِيَ فِي جِنَازَتِهِ. فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَعْقِلُهَا وَلَا تَرِثُهَا.
وَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْضِعِ مَسْجِدِهِ بِتَبُوكَ، فَنَظَرَ نَحْوَ الْيَمِينِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ يُشِيرُ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: الْإِيمَانُ يَمَانٍ! وَنَظَرَ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ: إنّ الْجَفَاءَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدّادِينَ (٣) أَهْلِ الْوَبَرِ مِنْ نَحْوِ الْمَشْرِقِ حَيْثُ يُطْلِعُ الشّيْطَانُ قَرْنَيْهِ.
وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ هُذَيْمٍ: جِئْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ بِتَبُوكَ- فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، هُوَ سَابِعُهُمْ- فَوَقَفْت فَسَلّمْت، فَقَالَ: اجْلِسْ! فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، أَشْهَدُ أَلّا إلَهَ إلّا اللهُ وَأَنّك رَسُولُ اللهِ! قَالَ: أَفْلَحَ وَجْهُك! ثُمّ قَالَ: يَا بلال، أطعمنا!
(١) فى الأصل: «يا رسول الله امرأتين اقتتلتا» . وما أثبتناه عن ابن الأثير. (النهاية، ج ٢، ص ١٠٦) .
(٢) فى الأصل: «أحدهما» .
(٣) الفدادون: الذين تعلو أصواتهم فى حروثهم ومواشيهم، واحدهم فداد. (النهاية، ج ٣، ص ١٨٧) .