صرخ: وا عمراه! يُخْزِي بِذَلِكَ عُتْبَةَ لِأَنّهُ حَلِيفُهُ مِنْ بَيْنِ قُرَيْشٍ، فَأَفْسَدَ عَلَى النّاسِ الرّأْيَ الّذِي دَعَاهُمْ إلَيْهِ عُتْبَةُ، وَحَلَفَ عَامِرٌ لَا يَرْجِعُ حَتّى يَقْتُلَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ. وَقَالَ (١) لِعُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ: حَرّشْ بَيْنَ النّاسِ! فَحَمَلَ عُمَيْرٌ، فَنَاوَشَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنْ يَنْقُضَ الصّفّ، فَثَبَتَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صَفّهِمْ وَلَمْ يَزُولُوا، وَتَقَدّمَ ابْنُ الْحَضْرَمِيّ، فَشَدّ عَلَى الْقَوْمِ فَنَشِبَتْ الْحَرْبُ.
حَدّثَنَا مُحَمّدٌ قَالَ: حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ: فَحَدّثَنِي عَائِذُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: لَمّا أَفْسَدَ الرّأْيَ أَبُو جَهْلٍ عَلَى النّاسِ، وَحَرّشَ بَيْنَهُمْ عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِيّ فَأَقْحَمَ فَرَسَهُ، فَكَانَ أَوّلَ مَنْ خَرَجَ إلَيْهِ مَهْجَعُ مَوْلَى عُمَرَ، فَقَتَلَهُ عَامِرٌ.
وَكَانَ أَوّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنْ الْأَنْصَارِ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ، قَتَلَهُ حِبّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ- وَيُقَالُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ- قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ الْعُقَيْلِيّ. حَدّثَنَا مُحَمّدٌ قَالَ: حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ: مَا سَمِعْت أَحَدًا مِنْ الْمَكّيّينَ يَقُولُ إلّا حِبّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ.
قَالُوا: وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ فِي مَجْلِسِ وِلَايَتِهِ: يَا عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ، أَنْتَ حَازِرُنَا لِلْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، تُصَعّدُ فِي الْوَادِي وَتُصَوّبُ، كَأَنّي أَنْظُرُ إلَى فَرَسِك (٢) تَحْتَك، تُخْبِرُ الْمُشْرِكِينَ أَنّهُ لَا كَمِينَ لَنَا وَلَا مَدَدَ! قَالَ:
إي وَاَللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! وَأُخْرَى، أَنَا وَاَللهِ الّذِي حَرّشْتُ بَيْنَ النّاسِ يَوْمَئِذٍ، وَلَكِنّ اللهَ جَاءَ بِالْإِسْلَامِ وَهَدَانَا لَهُ، فَمَا كَانَ فِينَا مِنْ الشّرْكِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ عُمَرُ: صَدَقْت! قَالُوا: كَلّمَ عُتْبَةُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ فَقَالَ: لَيْسَ عند أحد خلاف إلّا
(١) أى وقال أبو جهل.
(٢) فى الأصل: «قريش تحتك جوا» . وما أثبتناه عن سائر النسخ.