وسوء المنظر في الأهل والمال! اللهم، بلغنا بَلَاغًا صَالِحًا نَبْلُغُ إلَى خَيْرِ مَغْفِرَةٍ مِنْك وَرِضْوَانٍ (١) !
قَالُوا: وَلَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُعَرّسِ (٢) نَهَى أَصْحَابَهُ أَنْ يَطْرُقُوا النّسَاءَ لَيْلًا، فَطَرَقَ رَجُلَانِ أَهْلَهُمَا، فَكِلَاهُمَا وَجَدَ مَا يَكْرَهُ. وَأَنَاخَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ، وَكَانَ إذَا خَرَجَ إلَى الْحَجّ سَلَكَ عَلَى الشّجَرَةِ (٣) ، وَإِذَا رَجَعَ مِنْ مَكّةَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ مِنْ مُعَرّسِ الْأَبْطَحِ. فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُعَرّسِهِ فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَكَانَ فِيهِ عَامّةَ اللّيْلِ، فَقِيلَ لَهُ: إنّك بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِنِسَائِهِ: هَذِهِ الْحَجّةُ، ثُمّ ظُهُورُ الْحُصْرِ (٤) وَكُنّ يَحْجُجْنَ إلّا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمَعَةَ،
قَالَتَا: لَا تُحَرّكُنَا دَابّةٌ بَعْدَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عِيَادَةُ النّبِيّ صَلَّى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص بَعْدَ حَجّةِ الْوَدَاعِ
قَالَ: حَدّثَنِي مَعْمَرٌ، وَمُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَمَالِكٌ، عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي عَامَ حَجّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَصَابَنِي، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنْ الْوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلّا ابْنَةٌ لِي، فَأَتَصَدّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟
قَالَ: لَا! قُلْت: فَالشّطْرُ؟ قَالَ: لَا! ثُمّ قَالَ: الثّلُثُ، وَالثّلُثُ كَثِيرٌ! إنّك أَنْ تَتْرُكْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يتكفّفون، وإنك لن
(١) فى الأصل: «ورضوانا» .
(٢) المعرس: مسجد ذى الحليفة على ستة أميال من المدينة. (معجم البلدان، ج ٨، ص ٩٤)
(٣) أى مسجد الشجرة بذي الحليفة. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ١٦٢) .
(٤) أى أنكن لا تعدن تخرجن من بيوتكن، وتلزمن الحصر، وهي جمع الحصير الذي يبسط فى البيوت. (النهاية، ج ١، ص ٢٣٣) .