بَدْرٍ النّاسَ؟ قَالَ: رَأَيْت فِتْيَةً مِنْ الْأَنْصَارِ أَقْبَلُوا إلَيْهِ، فِيهِمْ مَعْمَرُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ، يَرْفَعُ سَيْفَهُ وَيَضَعُهُ فِيهِ . فَيَقُولُ صَفْوَانُ:
أَبُو قِرْدٍ! وَكَانَ مَعْمَرٌ رَجُلًا دَمِيمًا، فَسَمِعَ بِذَلِكَ الْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ فَغَضِبَ لَهُ، فَدَخَلَ عَلَى أُمّ صَفْوَانَ، وَهِيَ كَرِيمَةُ بِنْتُ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبٍ، فَقَالَ:
مَا يَدَعُنَا صفوان من الأذى فى الجاهليّة وو الإسلام! فَقَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟
فَأَخْبَرَهَا بِمَقَالَةِ صَفْوَانَ لِمَعْمَرٍ حِينَ قَالَ «أَبُو قِرْدٍ» . فَقَالَتْ أُمّ صَفْوَانَ:
يَا صَفْوَانُ، تَنْتَقِصُ مَعْمَرَ بْنَ حَبِيبٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ وَاَللهِ، لَا أَقْبَلُ لَك كَرَامَةً سَنَةً. قَالَ صَفْوَانُ: يَا أُمّهُ، وَاَللهِ لَا أَعُودُ أَبَدًا، تَكَلّمْت بِكَلِمَةٍ لَمْ أُلْقِ بِهَا بَالًا.
حَدّثَنَا مُحَمّدٌ قَالَ: حَدّثَنِي الْوَاقِدِيّ قَالَ: فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ، قَالَتْ: قِيلَ لِأُمّ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ، وَنَظَرَتْ إلَى الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ بمكّة: هذا الذي قطع رج عَلِيّ بْنِ أُمَيّةَ، يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَتْ: دَعُونَا مِنْ ذِكْرِ مَنْ قُتِلَ عَلَى الشّرْكِ! قَدْ أَهَانَ اللهُ عَلِيّا بِضَرْبَةِ الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَكْرَمَ اللهُ الْحُبَابَ بِضَرْبِهِ عَلِيّا، قَدْ كَانَ على الإسلام حين خرج من ها هنا، فَقُتِلَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
قَالُوا: وَقَالَ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ: لَمّا كَانَ يَوْمَئِذٍ لَقِيت عُبَيْدَةَ بن سعيد ابن الْعَاصِ عَلَى فَرَسٍ، عَلَيْهِ لَأْمَةٌ كَامِلَةٌ لَا يُرَى مِنْهُ إلّا عَيْنَاهُ، وَهُوَ يَقُولُ- وَقَدْ كَانَتْ لَهُ صَبِيّةٌ صَغِيرَةٌ يَحْمِلُهَا، وَكَانَ لَهَا بطين وكانت مسقمة- أما أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ! أَنَا أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ! قال: وفي يدي عنزة ١
(١) العنزة: الرمح الصغير. قال القالي: قال أبو العباس ثعلب: سميت العنزة عنزة من قولهم اعتنز الرجل إذا تنحى، وذلك أن الإمام يجعلها بين يديه إذا صلى ويقف دونها فتكون ناحية عنه. (ذيل الأمامى والنوادر، ص ١٦٢) .