فَقَتَلَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ! ثُمّ أَلْبَسُوهَا حَرْمَلَةَ بْنَ عَمْرٍو، فَصَمَدَ لَهُ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَقَتَلَهُ، وَأَبُو جَهْلٍ فِي أَصْحَابِهِ. ثُمّ أَرَادُوا أَنْ يُلْبِسُوهَا خَالِدَ بْنَ الْأَعْلَمِ، فَأَبَى أَنْ يَلْبَسَهَا يَوْمَئِذٍ. فَقَالَ معاذ بن عمرو ابن الْجَمُوحِ: نَظَرْت إلَى أَبِي جَهْلٍ فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ، وَهُمْ يَقُولُونَ:
أَبُو الْحَكَمِ، لَا يَخْلُصُ إلَيْهِ! فَعَرَفْت أَنّهُ هُوَ، فَقُلْت: وَاَللهِ لَأَمُوتَن دونه اليوم أو لا أخلصنّ إلَيْهِ! فَعَرَفْت أَنّهُ هُوَ، فَقُلْت: وَاَللهِ لَأَمُوتَن دونه عَلَيْهِ. فَضَرَبْته ضَرْبَةً وَطَرَحْت رِجْلَهُ مِنْ السّاقِ، فَشَبّهْتهَا بِالنّوَاةِ تَنْزُو مِنْ تَحْتِ الْمَرَاضِخِ (١) . ثُمّ أَقْبَلَ ابْنُهُ عِكْرِمَةُ عَلَيّ، فَضَرَبَنِي عَلَى عَاتِقِي، وَطَرَحَ يَدِي مِنْ الْعَاتِقِ، إلّا أَنّهُ قَدْ بَقِيَتْ جِلْدَةٌ، فَإِنّي أَسْحَبُ يَدِي بِجِلْدَةٍ مِنْ خَلْفِي، فَلَمّا آذَتْنِي وَضَعْت عَلَيْهَا رِجْلِي، فَتَمَطّيْت عَلَيْهَا حَتّى قَطَعْتهَا.
ثُمّ لَاقَيْت عِكْرِمَةَ وَهُوَ يَلُوذُ كُلّ مَلَاذٍ، فَلَوْ كَانَتْ يَدِي مَعِي لَرَجَوْت يَوْمَئِذٍ أَنْ أُصِيبَهُ. وَمَاتَ مُعَاذٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ.
حَدّثَنَا مُحَمّدٌ قَالَ: حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ: فَحَدّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ نَفّلَ مُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ سَيْفَ أَبِي جَهْلٍ- وَهُوَ عِنْدَ آلِ مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو الْيَوْمَ، بِهِ فَلّ- بَعْدَ أَنْ أرسل النبىّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إلَى عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ فَسَأَلَهُ: مَنْ قَتَلَ أَبَاك؟ قَالَ: الّذِي قَطَعْت يَدَهُ. فدفعه رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إلَى مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ عِكْرِمَةُ قَدْ قَطَعَ يَدَهُ يَوْمَ بَدْرٍ.
حَدّثَنِي ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:
مَا كَانَ بَنُو المغيرة يشكّون أنّ سيف أبى الحكم صار إلى معاذ بن عمرو بن
(١) المراضخ: جمع المرضخة، والمرضخة حجر يرضخ به النوى، أى يكسر. (النهاية، ج ٢، ص ٨٤.