نَوْفَلٌ يَقُولُ لِجَبّارٍ- وَرَأَى عَلِيّا مُقْبِلًا نَحْوَهُ- قال: يا أخا الأنصار، من هذا؟ واللّات وَالْعُزّى، إنّي لَأَرَى رَجُلًا، إنّهُ لَيُرِيدُنِي! قَالَ: هَذَا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رَجُلًا أَسْرَعَ فِي قَوْمِهِ مِنْهُ.
فَيَصْمُدُ لَهُ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ (١) فَيَضْرِبُهُ، فَنَشِبَ سَيْفُ عَلِيّ فِي حَجَفَتِهِ سَاعَةً، ثُمّ نَزَعَهُ فَيَضْرِبُ سَاقَيْهِ، وَدِرْعُهُ مُشَمّرَةٌ، فَقَطَعَهُمَا، ثُمّ أَجْهَزَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِنَوْفَلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ؟ فَقَالَ عَلِيّ:
أَنَا قَتَلْته. قَالَ: فَكَبّرَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَجَابَ دَعْوَتِي فِيهِ!
وَأَقْبَلَ الْعَاصُ بْنُ سَعِيدٍ يُحِثّ (٢) لِلْقِتَالِ، فالنقى هُوَ وَعَلِيّ، فَقَتَلَهُ عَلِيّ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ يَقُولُ لِابْنِهِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ (٣) : إنّي لَأَرَاك مُعْرِضًا، تَظُنّ أَنّي قَتَلْت أَبَاك؟ فِي أَصْلِ ابْنِ أَبِي حَيّةَ، وَاَللهِ مَا قَتَلْت أَبَاك (٤) وَلَا أَعْتَذِرُ مِنْ قَتْلِ مُشْرِكٍ، وَلَقَدْ قَتَلْت خَالِي بِيَدَيّ، الْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَقَالَ سَعِيدٌ: لَوْ قَتَلْته لَكَانَ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَنْتَ عَلَى الْحَقّ. قَالَ: قُرَيْشٌ أَعْظَمُ النّاسِ أَحْلَامًا، وَأَعْظَمُهَا أَمَانَةً، لَا يَبْغِيهِمْ أَحَدٌ الْغَوَائِلَ إلّا كَبّهُ اللهُ لِفِيهِ (٥) .
وَكَانَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ يَقُولُ: إنّي يَوْمَئِذٍ بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ (٦) النّهَارُ، وَنَحْنُ وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ اخْتَلَطَتْ صُفُوفُنَا وَصُفُوفُهُمْ، خَرَجْت فِي إثْرِ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلَى كَثِيبِ رَمْلٍ وَسَعْدُ بن خيثمة، وهما
(١) الزيادة عن ب، ت، ح.
(٢) فى الأصل: «يبحث» ، والمثبت من ب، ت.
(٣) الزيادة عن ب، ت، ج.
(٤) وهو فى الأصل فقط.
(٥) فى الأصل: «لغيّه» ، والمثبت من سائر النسخ.
(٦) فى ح: «بعد ما متع» .