لَعَمْرُك مَا أَوْفَى أَسِيدٌ بِجَارِهِ (١) ... وَلَا خَالِدٌ وَلَا الْمُفَاضَةُ (٢) زَيْنَبُ
وَعَتّابُ عَبْدٌ غَيْرُ مُوفٍ بذمّة ... كذوب شؤون الرّأْسِ قِرْدٌ مُدَرّبُ
فَلَمّا بَلَغَهَا (٣) هِجَاؤُهُ نَبَذَتْ رَحْلَهُ وَقَالَتْ: مَا لَنَا وَلِهَذَا الْيَهُودِيّ؟ أَلَا تَرَى مَا يَصْنَعُ بِنَا حَسّانُ؟ فَتَحَوّلَ، فَكُلّمَا تَحَوّلَ عِنْدَ قَوْمٍ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسّانَ فَقَالَ: ابْنُ الْأَشْرَفِ نَزَلَ عَلَى فُلَانٍ. فَلَا يَزَالُ يَهْجُوهُمْ حَتّى نُبِذَ رَحْلُهُ، فَلَمّا لَمْ يَجِدْ مَأْوًى قَدِمَ الْمَدِينَةَ.
فَلَمّا بَلَغَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُدُومُ ابْنِ الْأَشْرَفِ قَالَ: اللهُمّ، اكْفِنِي ابْنَ الْأَشْرَفِ بِمَا شِئْت فِي إعْلَانِهِ الشّرّ وَقَوْلِهِ الْأَشْعَارَ. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ لِي بِابْنِ الْأَشْرَفِ، فَقَدْ آذَانِي؟ فَقَالَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا أَقْتُلُهُ. قَالَ: فَافْعَلْ! فَمَكَثَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَيّامًا لَا يَأْكُلُ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمّدُ، تَرَكْت الطّعَامَ وَالشّرَابَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْت لَك قَوْلًا فَلَا أَدْرِي أَفِي لَك بِهِ أَمْ لَا.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْك الْجَهْدُ. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: شاور سعد بن معاذ فى أمره. فاجتمع محمّد بن مسلمة وَنَفَرٌ مِنْ الْأَوْسِ مِنْهُمْ عَبّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو نَائِلَةَ سِلْكَانُ بْنُ سَلَامَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ أوس، وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ نَقْتُلُهُ، فَأْذَنْ لَنَا فَلْنَقُلْ (٤) ، فَإِنّهُ لَا بُدّ لَنَا مِنْهُ. قَالَ: قُولُوا
! فَخَرَجَ أَبُو نَائِلَةَ إلَيْهِ، فَلَمّا رَآهُ كَعْبٌ أَنْكَرَ شَأْنَهُ، وَكَادَ يُذْعَرُ، وَخَافَ أَنْ يَكُونَ وَرَاءَهُ كمين،
(١) فى ت: «بجارة» .
(٢) فى الأصل: «المعاضة» ، وما أثبتناه عن سائر النسخ. والمفاضة من النساء الضخمة البطن.
(القاموس المحيط، ج ٢، ص ٣٤١) .
(٣) الضمير يرجع إلى عاتكة بنت أسيد.
(٤) فى الأصل: «فلنقتله» ، وفى ت: «فليقل» . وما أثبتناه عن ب، ث.