وَلَهُ حِمًى، أَلَا وَإِنّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ. وَالْمُؤْمِنُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ كَالرّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ، إذَا اشْتَكَى تَدَاعَى عَلَيْهِ سَائِرُ الْجَسَدِ. وَالسّلَامُ عَلَيْكُمْ!
حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: إنّ أَوّلَ مَنْ أَنْشَبَ الْحَرْبَ بَيْنَهُمْ أَبُو عَامِرٍ، طَلَعَ فِي خَمْسِينَ مِنْ قَوْمِهِ مَعَهُ عَبِيدُ قُرَيْشٍ، فَنَادَى أَبُو عَامِرٍ، وَهُوَ عَبْدُ عَمْرٍو: يَا آلَ (١) أَوْسٍ، أَنَا أَبُو عَامِرٍ! فَقَالُوا: لَا مَرْحَبًا بِك وَلَا أَهْلًا يَا فَاسِقُ! فَقَالَ:
لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَرّ! وَمَعَهُ عَبِيدُ أَهْلِ مَكّةَ، فَتَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ حَتّى تَرَاضَخُوا (٢) بِهَا سَاعَةً، حَتّى وَلّى أَبُو عَامِرٍ وَأَصْحَابُهُ وَدَعَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ إلَى الْبِرَازِ. وَيُقَالُ: إنّ الْعَبِيدَ لَمْ يُقَاتِلُوا، وَأَمَرُوهُمْ بِحِفْظِ عَسْكَرِهِمْ.
قَالَ: وَجَعَلَ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِيَ الْجَمْعَانِ أَمَامَ صُفُوفِ الْمُشْرِكِينَ يَضْرِبْنَ بِالْأَكْبَارِ وَالدّفَافِ وَالْغَرَابِيلِ (٣) ، ثُمّ يَرْجِعْنَ فَيَكُنّ فِي مُؤَخّرِ الصّفّ، حَتّى إذَا دَنَوْا مِنّا (٤) تَأَخّرَ النّسَاءُ يَقُمْنَ خَلْفَ الصّفُوفِ، فَجَعَلْنَ كُلّمَا وَلّى رَجُلٌ حَرّضْنَهُ وَذَكّرْنَهُ قَتْلَاهُمْ بِبَدْرٍ.
وَكَانَ قُزْمَانُ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ قَدْ تَخَلّفَ عَنْ أُحُدٍ، فَلَمّا أَصْبَحَ عَيّرَهُ نِسَاءُ بَنِي ظَفَرٍ فَقُلْنَ: يَا قُزْمَانُ، قَدْ خَرَجَ الرّجَالُ وبقيت! يا قزمان، ألا تستحي مِمّا صَنَعْت؟ مَا أَنْتَ إلّا امْرَأَةٌ، خَرَجَ قَوْمُك فَبَقِيت فِي الدّارِ! فَأَحْفَظَنهُ، فَدَخَلَ بَيْتَهُ فَأَخْرَجَ قَوْسَهُ وَجَعْبَتَهُ وَسَيْفَهُ- وَكَانَ يُعْرَفُ بِالشّجَاعَةِ-
(١) فى ت: «يالأوس» .
(٢) تراضخوا: أى تراموا بالحجارة، وأصل المراضخة الرمى بالسهم. (شرح أبى ذر، ص ٢١٨) .
(٣) الغرابيل: جمع غربال، وهو الدف. (النهاية، ج ٣، ص ١٥٤) .
(٤) فى ح: «من المسلمين» .