مَسْعُودٍ، فَتَصَدّقَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ بِدَمِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
وأقبل يومئذ الحباب بن المنذر بن الجموح يصيح: يا آل سلمة! فأقبلوا عنقا (١) واحدة: لبيك داعي الله! لبيك داعي الله! فيضرب يومئذ جبار بن صخر ضربة في رأسه مثقلة (٢) وما يدري، حتى أظهروا الشعار بينهم فجعلوا يصيحون: أمت! أمت! فكف بعضهم عن بعض.
فَحَدّثَنِي الزّبَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ اللّوَاءَ، فَقُتِلَ مُصْعَبٌ فَأَخَذَهُ مَلَكٌ فِي صُورَةِ مُصْعَبٍ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِمُصْعَبٍ فِي آخِرِ النّهَارِ: تَقَدّمْ يَا مُصْعَبُ!
فَالْتَفَتَ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَقَالَ: لَسْت بِمُصْعَبٍ فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّهُ مَلَكٌ أُيّدَ بِهِ. وَسَمِعْت أبا معشر يقول مثل ذلك.
فحدّثنى عُبَيْدَةُ بِنْتُ نَائِلٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عن أبيها سعد ابن أَبِي وَقّاصٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتنِي أَرْمِي بِالسّهْمِ يَوْمَئِذٍ فَيَرُدّهُ عَلَيّ رَجُلٌ أَبْيَضُ حَسَنُ الْوَجْهِ، لَا أَعْرِفُهُ حَتّى كَانَ بَعْدُ فَظَنَنْت أَنّهُ مَلَكٌ.
حَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْت رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ، يُقَاتِلَانِ أَشَدّ الْقِتَالِ، مَا رَأَيْتهمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ.
حَدّثَنِي عبد الملك بن سليم (٣) ، عن قطعن بن وهب، عن عبيد بن
(١) العنق: الجماعة من الناس. (أساس البلاغة، ص ٦٠٨) .
(٢) فى ب: «منقلة» .
(٣) فى ب: «عبد الملك بن سليمان» .