وجّه إلى أحد استقبل الْقِبْلَةَ وَقَالَ: اللهُمّ لَا تَرُدّنِي إلَى أَهْلِي خِزْيًا وَارْزُقْنِي الشّهَادَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلِذَلِكَ الْجَمَلُ لَا يَمْضِي! إنّ مِنْكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرّهُ، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ.
يَا هِنْدُ، مَا زَالَتْ الْمَلَائِكَةُ مُظِلّةً عَلَى أَخِيك مِنْ لَدُنْ قُتِلَ إلَى السّاعَةِ يَنْظُرُونَ أَيْنَ يُدْفَنُ. ثُمّ مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتّى قَبَرَهُمْ، ثُمّ قَالَ:
يَا هِنْدُ، قَدْ تَرَافَقُوا فِي الْجَنّةِ جَمِيعًا، عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَابْنُك خَلّادٌ، وَأَخُوك عَبْدُ اللهِ.
قَالَتْ هِنْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُدْعُ اللهَ، عَسَى أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَهُمْ.
قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: اصْطَبَحَ نَاسٌ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ، مِنْهُمْ أَبِي، فَقُتِلُوا شُهَدَاءَ.
قَالَ جَابِرٌ: كَانَ أَبِي أَوّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَتَلَهُ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ أَبُو أَبِي الْأَعْوَرِ السّلَمِيّ، فَصَلّى عَلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الْهَزِيمَةِ.
قَالَ جَابِرٌ: لَمّا اُسْتُشْهِدَ أَبِي جَعَلَتْ عَمّتِي تَبْكِي، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يُبْكِيهَا؟ مَا زَالَتْ الْمَلَائِكَةُ تَظَلّ عَلَيْهِ بِأَجْنِحَتِهَا حَتّى دُفِنَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ: رَأَيْت فِي النّوْمِ قبل يوم أحد بأيّام وَكَأَنّي رَأَيْت مُبَشّرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ يَقُولُ: أَنْتَ قَادِمٌ عَلَيْنَا فِي أَيّامٍ. فَقُلْت:
وَأَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: فِي الْجَنّةِ، نَسْرَحُ مِنْهَا حَيْثُ نَشَاءُ. قُلْت لَهُ: أَلَمْ تُقْتَلْ يَوْمَ بَدْرٍ؟ فَقَالَ: بَلَى، ثُمّ أُحْيِيت. فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَذِهِ الشّهَادَةُ يَا أَبَا جَابِرٍ.
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، ادْفِنُوا عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بْنَ الْجَمُوحِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَيُقَالُ إنّهُمَا وُجِدَا وَقَدْ مُثّلَ بِهِمَا كُلّ