فَخَرَجُوا فِي أَثَرِهِ حَتّى يُدْرِكُوهُ فِي يَوْمِ الرّابِعِ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَعَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ أَسْرَعَا فِي طَلَبِهِ، فَأَدْرَكَاهُ بِالْجَمّاءِ فَضَرَبَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَقَالَ عَمّارٌ:
إنّ لِي فِيهِ حَقّا! فَرَمَاهُ عَمّارٌ بِسَهْمٍ فَقَتَلَاهُ، ثُمّ انْصَرَفَا إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ. وَيُقَالُ: أُدْرِكَ بِثَنِيّةِ الشّرِيدِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ حَيْثُ أَخْطَأَ الطّرِيقَ، فَأَدْرَكَاهُ فَلَمْ يَزَالَا يَرْمِيَانِهِ بِالنّبْلِ (١) وَاِتّخَذَاهُ غَرَضًا حَتّى مَاتَ.
غَزْوَةُ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ (٢)
وَكَانَتْ يَوْمَ الْأَحَدِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوّالٍ، عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَابَ خَمْسًا.
قَالُوا: لَمّا صَلّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصّبْحَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَمَعَهُ وُجُوهُ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَكَانُوا بَاتُوا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى بَابِهِ- سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأَوْسُ بْنُ خَوْلِيّ، وَقَتَادَةُ بْنُ النّعْمَانِ، وَعُبَيْدُ بْنُ أَوْسٍ فِي عِدّةٍ مِنْهُمْ. فَلَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصّبْحِ أَمَرَ بلالا أن يُنَادِي: إنّ رَسُولَ اللهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وسلّم يَأْمُرُكُمْ بِطَلَبِ عَدُوّكُمْ، وَلَا يَخْرُجُ مَعَنَا إلّا مَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ بِالْأَمْسِ.
قَالَ: فَخَرَجَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَاجِعًا إلَى دَارِهِ يَأْمُرُ قَوْمَهُ بِالْمَسِيرِ. قَالَ:
وَالْجِرَاحُ فِي النّاسِ فَاشِيَةٌ، عَامّةُ بنى عبد الأشهل جَرِيحٌ، بَلْ كُلّهَا، فَجَاءَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم يأمركم أن تطلبوا
(١) فى ب: «بالنبل والحجارة» .
(٢) حمراء الأسد على ثمانية أميال- وقيل عشرة- من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة. (شرح على المواهب اللدنية، ج ٢، ص ٧٠) .