وَكَثّرَ النّاسُ عَلَيْهَا. فَقُلْت: سُبْحَانَ اللهِ، وَقَدْ تَحَدّثَ النّاسُ بِهَذَا كُلّهِ؟
قَالَتْ: فَبَكَيْت تِلْكَ اللّيْلَةَ حَتّى أَصْبَحْت لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ.
قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّا وَأُسَامَةَ فَاسْتَشَارَهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ.
قَالَتْ: وَكَانَ أَحَدُ الرّجُلَيْنِ أَلْيَنَ قَوْلًا مِنْ الْآخَرِ.
قَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْبَاطِلُ وَالْكَذِبُ، وَلَا نَعْلَمُ إلّا خَيْرًا، وَإِنّ بَرِيرَةَ تَصْدُقُك. وَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: لَمْ يُضَيّقْ اللهُ عَلَيْك، النّسَاءُ كَثِيرٌ وَقَدْ أَحَلّ اللهُ لَك وَأَطَابَ، فَطَلّقْهَا وَانْكِحْ غَيْرَهَا. قَالَتْ: فَانْصَرَفَا، وَخَلَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَرِيرَةَ فَقَالَ: يَا بَرِيرَةُ، أَيّ امْرَأَةٍ تَعْلَمِينَ عَائِشَةَ؟ قَالَتْ:
هِيَ أَطْيَبُ مِنْ طِيبِ الذّهَبِ، وَاَللهِ مَا أَعْلَمُ عَلَيْهَا إلّا خَيْرًا، وَاَللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَئِنْ كَانَتْ عَلَى (١) غَيْرِ ذَلِكَ لَيُخْبِرَنك اللهُ عَزّ وَجَلّ بِذَلِكَ، إلّا أَنّهَا جَارِيَة تَرْقُدُ عَنْ الْعَجِينِ حَتّى تَأْتِيَ الشّاةُ فَتَأْكُلَ عَجِينَهَا، وَقَدْ لُمْتهَا فِي ذَلِكَ غَيْرَ مَرّةٍ. وَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ وَلَمْ تَكُنْ امْرَأَةٌ تُضَاهِي (٢) عَائِشَةَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم غَيْرَهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: وَلَقَدْ كُنْت أَخَافُ عَلَيْهَا أَنْ تَهْلِكَ لِلْغَيْرَةِ عَلَيّ، فَقَالَ لَهَا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا زَيْنَبُ، مَاذَا عَلِمْت عَلَى عَائِشَةَ؟
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَاشَى سَمْعِي وَبَصَرِي، مَا عَلِمْت عَلَيْهَا إلّا خَيْرًا.
وَاَللهِ، مَا أُكَلّمُهَا وَإِنّي لَمُهَاجِرَتُهَا، وَمَا كُنْت أَقُولُ إلّا الْحَقّ. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَمّا زَيْنَبُ، فَعَصَمَهَا اللهُ، وَأَمّا غَيْرُهَا فَهَلَكَ مَعَ مَنْ هَلَكَ.
ثُمّ سَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمّ أَيْمَنَ فَقَالَتْ: حَاشَى سَمْعِي
(١) فى ب: «لئن كانت على ذلك» .
(٢) فى ب: «تناضى» .