يَأْمَنُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى حَاجَتِهِ، وَمَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إلّا غُرُورًا!
فَحَدّثَنِي صَالِحُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ ابْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّي لَأَرْجُو أن أطوف بالبيت العتيق وَآخُذَ الْمِفْتَاحَ، وَلَيُهْلِكَن اللهُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَلَتُنْفَقَن أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ-
يَقُولُ ذَلِكَ حِينَ رَأَى مَا بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ الْكَرْبِ. فَسَمِعَهُ مُعَتّبٌ فَقَالَ مَا قَالَ.
فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ قَالَ: هَمّتْ بَنُو قُرَيْظَةَ أَنْ يُغَيّرُوا عَلَى بَيْضَةِ الْمَدِينَةِ لَيْلًا، فَأَرْسَلُوا حُيَيّ بْنَ أَخْطَبَ إلَى قُرَيْشٍ أَنْ يَأْتِيَهُمْ مِنْهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ، وَمِنْ غَطَفَانَ أَلْفٌ، فَيُغِيرُوا بِهِمْ (١) .
فَجَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ فَعَظُمَ الْبَلَاءُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ سَلَمَةَ بْنَ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ الْأَشْهَلِيّ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ يَحْرَسُونَ الْمَدِينَةَ وَيُظْهِرُونَ التّكْبِيرَ، وَمَعَهُمْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَصْبَحُوا أَمّنُوا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَقَدْ خِفْنَا عَلَى الذّرَارِيّ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ أَشَدّ مِنْ خَوْفِنَا مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ، وَلَقَدْ كُنْت أُوفِي عَلَى سَلْعٍ فَأَنْظُرُ إلَى بُيُوتِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا رَأَيْتهمْ هَادِينَ (٢) حَمِدْت اللهَ عَزّ وَجَلّ، فَكَانَ مِمّا رَدّ اللهُ بِهِ قُرَيْظَةَ عَمّا أَرَادُوا أَنّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ تُحْرَسُ.
حَدّثَنِي صَالِحُ بْنُ خَوّاتٍ، عَنْ ابْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ خَوّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ: دَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مُحَاصِرُو الْخَنْدَقِ، فَقَالَ:
انْطَلِقْ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَانْظُرْ هَلْ تَرَى لَهُمْ غُرّةً أَوْ خَلَلًا مِنْ مَوْضِعٍ فَتُخْبِرُنِي.
قَالَ: فَخَرَجْت مِنْ عِنْدِهِ عِنْدَ غُرُوبِ الشّمْسِ، فَتَدَلّيْت من سلع وغربت
(١) فى ث: «ليغيروا بهم على الذراري» .
(٢) هكذا فى كل النسخ، ولعله من تسهيل أهل الحجاز للهمزة، فتكون الكلمة «هادئين» .