أُمّ عَامِرٍ الْأَشْهَلِيّةُ بِقَعْبَةٍ فِيهَا حَيْسٌ (١) إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فِي قُبّتِهِ وَهُوَ عِنْدَ أُمّ سَلَمَةَ، فَأَكَلَتْ أُمّ سَلَمَةَ حَاجَتَهَا، ثُمّ خَرَجَ بِالْبَقِيّةِ فَنَادَى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَى عَشَائِهِ، فَأَكَلَ أَهْلُ الْخَنْدَقِ حَتّى نَهِلُوا وَهِيَ كَمَا هِيَ.
حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ الله، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قَالَ: حُصِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وأصحابه بضع عشرة حتى حلص إلَى كُلّ امْرِئٍ مِنْهُمْ الْكَرْبُ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمّ إنّي أَنْشُدُك عَهْدَك وَوَعْدَك، اللهُمّ إنّك إنْ تَشَأْ لا تعبد!
فبيناهم عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْحَالِ أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَوْفٍ- وَلَمْ يَحْضُرْ الْخَنْدَقَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ وَلَا قَوْمُهُ، وَيُقَالُ حَضَرَهَا الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ. قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ: وَهُوَ أَثْبَتُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا.
وَإِنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إلَيْهِ وَإِلَى عُيَيْنَةَ: أَرَأَيْت إنْ جَعَلْت لَكُمْ ثُلُثَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ تَرْجِعَانِ بِمَنْ مَعَكُمْ وَتُخَذّلَانِ بَيْنَ الْأَعْرَابِ؟ قَالَا:
تُعْطِينَا نِصْفَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ. فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَزِيدَهُمَا عَلَى الثّلُثِ، فَرَضِيَا بِذَلِكَ وَجَاءَا فِي عَشَرَةٍ مِنْ قَوْمِهِمَا حِينَ (٢) تَقَارَبَ الْأَمْرُ، فَجَاءُوا وَقَدْ أَحَضَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ وَأَحْضَرَ الصّحِيفَةَ وَالدّوَاةَ، وَأَحْضَرَ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ فَأَعْطَاهُ الصّحِيفَةَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكْتُبَ الصّلْحَ بَيْنَهُمْ، وَعَبّادُ بْنُ بِشْرٍ قَائِمٌ عَلَى رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم مُقَنّعٌ فِي الْحَدِيدِ. فَأَقْبَلَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١) الحيس: تمر يخلط بسمن وأقط فيعجن شديدا ثم يندر منه نواه، وربما جعل فيه سويق.
(القاموس المحيط، ج ٢، ص ٢٠٩) .
(٢) فى ب: «حتى» .