Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
إنّكُمْ وَاَللهِ لَسْتُمْ بِدَارِ مُقَامٍ، لَقَدْ هَلَكَ الْخُفّ وَالْكُرَاعُ، وَأَجْدَبَ الْجَنَابُ، وَأَخْلَفَتْنَا بَنُو قُرَيْظَةَ، وَبَلَغْنَا عَنْهُمْ الّذِي نَكْرَهُ، وَقَدْ لَقِينَا مِنْ الرّيحِ مَا تَرَوْنَ! وَاَللهِ، مَا يَثْبُتُ لَنَا بِنَاءٌ وَلَا تَطْمَئِنّ لَنَا قِدْرٌ، فَارْتَحِلُوا فَإِنّي مُرْتَحِلٌ.
وَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ، وَجَلَسَ عَلَى بَعِيرِهِ وَهُوَ مَعْقُولٌ، ثُمّ ضَرَبَهُ فَوَثَبَ عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ، فَمَا أَطْلَقَ عِقَالَهُ إلّا بَعْدَ مَا قَامَ. وَلَوْلَا عَهْدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيّ: «لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتّى تأتى» ثم شئت، لقتلته. فناداه عكرمة ابن أَبِي جَهْلٍ: إنّك رَأْسُ الْقَوْمِ وَقَائِدُهُمْ، تَقْشَعُ وَتَتْرُكُ النّاسَ؟ فَاسْتَحْيَى أَبُو سُفْيَانَ فَأَنَاخَ جَمَلَهُ وَنَزَلَ عَنْهُ، وَأَخَذَ بِزِمَامِهِ وَهُوَ يَقُودُهُ، وَقَالَ: ارْحَلُوا! قَالَ: فَجَعَلَ النّاسُ يَرْتَحِلُونَ وَهُوَ قَائِمٌ حتى خفّ العسكر، ثم قال لعمرو ابن الْعَاصِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، لَا بُدّ لِي وَلَك أَنْ نُقِيمَ فِي جَرِيدَةٍ (١) مِنْ خَيْلٍ بِإِزَاءِ مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَإِنّا لَا نَأْمَنُ أَنْ نُطْلَبَ حَتّى يَنْفُذَ الْعَسْكَرُ. فَقَالَ عَمْرٌو: أَنَا أُقِيمُ. وَقَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: مَا تَرَى يَا أَبَا سُلَيْمَانَ؟ فَقَالَ:
أَنَا أَيْضًا أُقِيمُ. فَأَقَامَ عَمْرٌو وَخَالِدٌ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ، وَسَارَ الْعَسْكَرُ إلّا هَذِهِ الْجَرِيدَةُ عَلَى مُتُونِ الْخَيْلِ.
قَالُوا: وَذَهَبَ حُذَيْفَةُ إلَى غَطَفَانَ فَوَجَدَهُمْ قَدْ ارْتَحَلُوا، فَرَجَعَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ. وَأَقَامَتْ الْخَيْلُ حَتّى كَانَ السّحَرُ، ثُمّ مَضَوْا فَلَحِقُوا الْأَثْقَالَ وَالْعَسْكَرَ مَعَ ارْتِفَاعِ النّهَارِ بِمَلَلَ، فَغَدَوَا إلَى السّيّالَةِ.
وَكَانَتْ غَطَفَانُ لَمّا ارْتَحَلَتْ وَقَفَ مَسْعُودُ بْنُ رُخَيْلَةَ فِي خَيْلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَوَقَفَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ فِي خَيْلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَوَقَفَ فُرْسَانٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فِي أَصْحَابِهِمْ، ثُمّ تَحَمّلُوا جَمِيعًا فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ، وَكَرِهُوا أَنْ يتفرّقوا حتى
(١) هي التي جردت من معظم الخيل لوجه. (أساس البلاغة، ص ١١٦) .