فتح الله عليه. وكان مَنْ جُرِحَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حُمِلَ إلَى الْمُعَسْكَرِ فَدُووِيَ، وَإِنْ كَانَ بِهِ انْطِلَاقٌ انْطَلَقَ إلَى مُعَسْكَرِ النّبِيّ صَلّى اللهُ عليه وسلم. وَكَانَ أَوّلَ يَوْمٍ قَاتَلُوا فِيهِ جُرِحَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْ نَبْلِهِمْ، فَكَانُوا يُدَاوُونَ مِنْ الْجِرَاحِ.
وَيُقَالُ: إنّ قَوْمًا شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَاءَ الْمَنْزِلِ فَأَمَرَهُمْ بِالتّحَوّلِ إلَى الرّجِيعِ، وَقَدِمُوا خَيْبَرَ عَلَى ثَمَرَةٍ خَضْرَاءَ وَهِيَ وَبِئَةٌ وَخَيْمَةٌ، فَأَكَلُوا مِنْ تلك الثّمرة، وأهمدتهم الْحُمّى، فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَرّسُوا (١) الْمَاءَ فِي الشّنَانِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ فَاحْدَرُوا الْمَاءَ عَلَيْكُمْ حَدْرًا (٢) وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ.
فَفَعَلُوا فَكَأَنّمَا أُنْشِطُوا مِنْ عِقَالٍ (٣) .
وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يُحَدّثُ: إنّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ مِنْ أَهْلِ النّطَاةِ نَادَانَا بَعْدَ لَيْلٍ وَنَحْنُ بِالرّجِيعِ: أَنَا آمَنُ وَأُبَلّغُكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ:
فَابْتَدَرْنَاهُ فَكُنْت أَوّلَ مَنْ سَبَقَ إلَيْهِ فَقُلْت: مَنْ (٤) أَنْتَ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ. فَأَدْخَلْنَاهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْيَهُودِيّ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ:
تَؤُمّنّي وَأَهْلِي عَلَى أَنْ أَدُلّك عَلَى عَوْرَةٍ مِنْ عَوْرَاتِ الْيَهُودِ؟ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. فَدَلّهُ عَلَى عَوْرَةِ الْيَهُودِ. قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ تِلْكَ السّاعَةَ فَحَضّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ، وَخَبّرَهُمْ أَنّ الْيَهُودَ قَدْ أَسْلَمَهَا حَلْفَاؤُهَا وَهَرَبُوا، وَأَنّهَا قَدْ تَجَادَلَتْ واختلفوا بينهم. قال
(١) فى الأصل: «قرصوا» . وقرس: صب. (النهاية، ج ٣، ص ٢٤٢) .
(٢) الحدر: الحط من علو إلى أسفل. (القاموس المحيط، ج ٢، ص ٥) .
(٣) فى الأصل: «نشطوا من العقل» . وما أثبتناه أفصح كما ذكر ابن الأثير. (النهاية، ج ٤، ص ١٤٥) .
(٤) فى الأصل: «ما» .