يَنْتَهِي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْكَتِيبَةِ، فَأَرْسَلَ بِي إلَى رَحْلِهِ، ثُمّ جَاءَنَا حِينَ أَمْسَى فَدَعَانِي، فَجِئْت وَأَنَا مُقَنّعَةٌ حَيِيّةٌ، فَجَلَسْت بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ:
إنْ أَقَمْت عَلَى دِينِك لَمْ أُكْرِهْك، وَإِنْ اخْتَرْت اللهَ وَرَسُولَهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَك.
قَالَتْ: أَخْتَارُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالْإِسْلَامَ. فَأَعْتَقَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَزَوّجَنِي وَجَعَلَ عِتْقِي مَهْرِي، فَلَمّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمَدِينَةِ قَالَ أَصْحَابُهُ:
الْيَوْمَ نَعْلَمُ أَزَوْجَةً أَمْ سُرّيّةً، فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتَهُ فَسَيُحَجّبُهَا وَإِلّا فَهِيَ سُرّيّةٌ. فَلَمّا خَرَجَ أَمَرَ بِسِتْرٍ فَسَتَرَتْ بِهِ فَعَرَفَ أَنّي زَوْجَةٌ، ثُمّ قَدِمَ إلَى الْبَعِيرِ وَقَدّمَ فَخِذَهُ لِأَضَعَ رِجْلِي عَلَيْهَا، فَأَعْظَمَتْ ذَلِكَ وَوَضَعْت فَخِذِي عَلَى فَخِذِهِ، ثُمّ رَكِبْت. وَكُنْت أَلْقَى مِنْ أَزْوَاجِهِ، يَفْخَرْنَ عَلَيّ يَقُلْنَ: يَا بِنْتَ الْيَهُودِيّ.
وَكُنْت أَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَطّفُ بِي وَيُكْرِمُنِي، فَدَخَلَ عَلَيّ يَوْمًا وَأَنَا أَبْكِي فقال: مالك؟ فَقُلْت: أَزْوَاجُك يَفْخَرْنَ عَلَيّ وَيَقُلْنَ: يَا بِنْتَ الْيَهُودِيّ. قَالَتْ: فَرَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَضِبَ ثُمّ قَالَ:
إذَا قالوا لك أو فاخروك فقولي: أبى هرون وعمّى موسى
قالوا: وكان أبو شييم المري- قَدْ أَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ- يُحَدّثُ يَقُولُ: لَمّا نَفّرْنَا أَهْلَهَا بِحَيْفَاءَ مَعَ عُيَيْنَةَ- قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ قَارّونَ هَادِئُونَ لَمْ يَهْجُهُمْ هَائِجٌ- رَجَعَ بِنَا عُيَيْنَةُ، فَلَمّا كَانَ دُونَ خَيْبَرَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ الْحُطَامُ عَرّسْنَا مِنْ اللّيْلِ فَفَزِعْنَا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: أَبْشِرُوا إنّي أَرَى اللّيْلَةَ فِي النّوْمِ أَنّي أُعْطِيت ذَا الرّقَيْبَةِ- جَبَلًا بِخَيْبَرَ- قَدْ وَاَللهِ قَدْ أَخَذْت بِرِقْبَةِ مُحَمّدٍ. قَالَ: فَلَمّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ قَدِمَ عُيَيْنَةُ فَوَجَدَ رَسُولَ الله صلى الله عليه