أَنْ تُرَدّ عَلَيْهِمْ. وَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَدّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ، فَإِنّ الْغُلُولَ عَارٍ وَشَنَارٌ وَنَارٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَبَاعَ يَوْمئِذٍ فَرْوَةُ الْمَتَاعَ، فَأَخَذَ عِصَابَةً فَعَصَبَ بِهَا رَأْسَهُ لِيَسْتَظِلّ بِهَا مِنْ الشّمْسِ، ثُمّ رَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ وَهِيَ عَلَيْهِ فَذَكَرَ فَخَرَجَ فَطَرَحَهَا. وَأَخْبَرَ بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: عِصَابَةٌ مِنْ نَارٍ عَصَبْت بِهَا رَأْسَك. وَسَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ مِنْ الْفَيْءِ شَيْئًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلّ لِي مِنْ الْفَيْءِ خَيْطٌ وَلَا مِخْيَطٌ، لَا آخُذُ وَلَا أُعْطِي.
فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عِقَالًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَتّى نَقْسِمَ الْغَنَائِمَ ثُمّ أُعْطِيك عِقَالًا، وَإِنْ شِئْت مِرَارًا (١) . وَكَانَ رَجُلٌ أَسْوَدَ مَعَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمْسِكُ دَابّتَهُ عِنْدَ الْقِتَالِ يُقَالُ لَهُ كَرْكَرَةُ، فَقُتِلَ يَوْمئِذٍ، فَقِيلَ:
يَا رَسُولَ اللهِ اُسْتُشْهِدَ كَرْكَرَةٌ؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه الْآن لِيُحَرّقَ فِي النّارِ عَلَى شَمْلَةٍ غَلّهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذْت شِرَاكَيْنِ يَوْمئِذٍ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ. وَتُوُفّيَ يَوْمئِذٍ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ، وَإِنّهُمْ ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: صَلّوْا عَلَى صَاحِبِكُمْ. فَتَغَيّرَتْ وُجُوهُ النّاسِ لِذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ صَاحِبَكُمْ غَلّ فِي سَبِيلِ اللهِ. قَالَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيّ: فَفَتّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرْزًا مِنْ خَرْزِ الْيَهُودِ لَا يُسْوَى دِرْهَمَيْنِ.
وَكَانَ نَفَرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَصَابُوا خَرْزًا مِنْ خَرْزِ الْيَهُودِ وَكَانُوا رُفَقَاءَ، فَقَالَ الْمُحَدّثُ لِهَذَا الْحَدِيثِ: لَوْ كَانَ الْخَرْزُ عِنْدَكُمْ الْيَوْمَ لَمْ يُسْوَ دِرْهَمَيْنِ.
فَأُتِيَ بِذَلِكَ الْخَرْزِ إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما فرغ من المقسم،
(١) المرار: الحبل. (النهاية، ج ٤، ص ٨٨) .