عَزّ وَجَلّ: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ (١) يَقُولُ: كَمَا صَدّوكُمْ عَنْ الْبَيْتِ فَاعْتَمَرُوا فِي قَابِلٍ. فَقَالَ رِجَالٌ مِنْ حَاضِرِ الْمَدِينَةِ مِنْ الْعَرَبِ: وَاَللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا مِنْ زَادٍ وَمَا لَنَا مَنْ يُطْعِمُنَا (٢) . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَنْ يَتَصَدّقُوا، وَأَلّا يَكْفُوا أَيْدِيَهُمْ فَيَهْلِكُوا. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، بِمَ نَتَصَدّقُ وَأَحَدُنَا لَا يَجِدُ شَيْئًا؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَا كَانَ، وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ، وَلَوْ بِمِشْقَصٍ (٣) يَحْمِلُ بِهِ أَحَدُكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ.
فَأَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِي ذَلِكَ:
وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (٤) . قَالَ: نَزَلَتْ فِي تَرْكِ النّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ.
حَدّثَنِي الثّوْرِيّ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، قَالَ: مَتّعْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَوْ بِمِشْقَصٍ، وَلَا تُلْقِ بِيَدِك إلَى التّهْلُكَةِ.
حَدّثَنِي الثّوْرِيّ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي تَرْكِ النّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ.
وَحَدّثَنِي ابْنُ مُوهِبٍ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: سَاقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الْقَضِيّةِ سِتّينَ بَدَنَةً.
حَدّثَنِي غَانِمُ بْنُ أَبِي غَانِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يَنَارٍ، قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاجِيَةَ بْنَ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيّ عَلَى هَدْيِهِ، يَسِيرُ بِالْهَدْيِ أَمَامَهُ يَطْلُبُ الرّعْيَ فِي الشّجَرِ، مَعَهُ أربعة فتيان من أسلم.
(١) سورة ٢ البقرة ١٩٤.
(٢) فى الأصل: «من أحد يطعمك» ، والتصحيح من الزرقانى، يروى عن الواقدي. (شرح على المواهب اللدنية، ج ٢، ص ٣٠٤) .
(٣) المشقص: نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض. (النهاية، ج ٢، ص ٢٣٠) .
(٤) سورة ٢ البقرة ١٩٥.