وَأَتَانَا مَالِكٌ بِهِمُ ... نَاقِضًا لِلْعَهْدِ وَالْحُرُمَهْ
وَأَتَوْنَا فِي مَنَازِلِنَا ... وَلَقَدْ كَانُوا أُولِي نَقِمَهْ
فَقَالَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ:
مَا إنْ رَأَيْت وَلَا سَمِعْت بِمِثْلِهِ ... فِي النّاسِ كُلّهِمُ بِمِثْلِ مُحَمّدِ
أوفى وأعطى للجزيل (١) إذا اجتدى ... ومتى تشأ يُخْبِرْك عَمّا فِي غَدِ (٢)
وَإِذَا الْكَتِيبَةُ عَرّدَتْ (٣) أَنْيَابَهَا ... بِالْمَشْرَفِيّ (٤) وَضَرْبِ كُلّ مُهَنّدِ (٥)
فَكَأَنّهُ لَيْثٌ عَلَى أَشْبَالِهِ ... وَسْطَ الْهَبَاءَةِ (٦) خَادِرٌ (٧) فِي مَرْصَدِ
قَالُوا: لَمّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُرَيْشٍ وَفِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَجَدَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ، حَتّى كَثُرَتْ الْقَالَةُ (٨) حَتّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قومه، وأمّا حِينَ الْقِتَالِ فَنَحْنُ أَصْحَابُهُ، وَأَمّا حِينَ الْقَسْمِ فَقَوْمُهُ وَعَشِيرَتُهُ، وَوَدِدْنَا أَنّا نَعْلَمُ مِمّنْ كَانَ هذا! إن كان هذا من اللَّه
(١) الجزيل: العطاء الكثير. واجتدى: أى طلب منه الجدوى، وهو العطية. (شرح أبى ذر، ص ٤١٢) .
(٢) فى الأصل: «عما يكون فى غد» ، ولا يستقيم الوزن بها، وما أثبتناه عن ابن إسحاق.
(السيرة النبوية، ج ٤، ص ١٣٤) .
(٣) عردت: أى عوجت. (شرح أبى ذر، ص ٤١٢) .
(٤) المشرفي: السيف. قال أبو عبيدة: نسبت السيوف المشرفية إلى مشارف، وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف، يقال سيف مشرفي ولا يقال مشارفى، لأن الجمع لا ينسب إليه إذا كان على هذا الوزن. (الصحاح، ص ١٣٨٠) .
(٥) المهند: السيف المطبوع من حديد الهند. (الصحاح، ص ٥٥٤) .
(٦) فى الأصل: «المياة» ، وما أثبتناه عن ابن إسحاق. (السيرة النبوية، ج ٤، ص ١٣٤) .
والهباءة: الغبرة. (شرح أبى ذر، ص ٤١٢) .
(٧) الخادر: الداخل فى خدره، والخدر هنا غابة الأسد (شرح أبى ذر، ص ٤١٢) .
(٨) القالة: كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكى للبعض عن البعض. (النهاية، ج ٣، ص ٢٨٤) .