والباطل وأهله في منجاة، بل في مسلاة! .. ويحيك منه شيء في قلوب الضالّين المبطلين أنفسهم، فيزيدهم ضلالاً وبطرًا ولجاجاً في الشر والفساد!
هنا تأتي هذه اللمسة: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧)}!
متاع قليل .. ينتهي ويذهب .. أما المأوى الدائم الخالد، فهو جهنم .. وبئس المهاد!
وفي مقابل المتاع القليل الذاهب جنّات وخلود وتكريم من الله: {جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (١٩٨)} (آل عمران)!
وما يشك أحدٌ في أن ما عند الله خير للأبرار، وما تبقى في القلب شبهة في أن كفّة الذين اتقوا أرجح من كفّة الذين كفروا في هذا الميزان، وما يتردّد ذو عقل في اختيار النصيب الذي يختاره لأنفسهم أولو الألباب!
وفي موضع التربية، ومجال إقرار القيم الأساسية، في التصوّر الإِسلامي لا يعد المؤمنين هنا بالنصر، ولا يعدهم بقهر الأعداء، ولا يعدهم بالتمكن في الأرض، ولا يعدهم شيئاً من الأشياء في هذه الحياة ممَّا يعدهم به في مواضع أخرى، وممّا يكتب على نفسه لأوليائه في صراعهم مع أعدائهم!
إنه يعدهم شيئاً واحداً، هو {مَا عِنْدَ اللَّهِ}! فهذا هو الأصل في هذه الدعوة، وهذه هي نقطة الانطلاق في هذه العقيدة: التجرّد المطلق من كل هدف، ومن كل غاية، ومن كل مطمع -حتى رغبة المؤمن في غلبة عقيدته،