قال ابن القيم: (١) وأما قوله تعالى في سورة النجم:
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨)}
فهو غير الدنوّ والتدلّي في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو جبريل وتدلّيه، كما قالت عائشة وابن مسعود، والسياق يدلّ عليه، فإنه قال:
{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨)} النجم!
فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوي، وهو الذي دنا فتدلّى، فكان من محمَّد - صلى الله عليه وسلم - قدر قوسين أو أدنى!
بين القولين:
قال النوويّ عقب ذكره أدلة القول الأوّل: (٢) ولا يقدح في هذا حديث عائشة رضي الله عنها؛ لأنّ عائشة لم تخبر أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: لم أر ربّي، وإنما ذكرت متأوّلة لقول الله تعالى:
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} الشورى: ٥١!
ولقول الله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} الأنعام: ١٠٣!
(١) زاد المعاد: ٣١: ٣٨.
(٢) النوويّ على مسلم: ٣: ٥.