{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١)} الأنعام: ٨٠، ٨١!
إن الفطرة حين تنحرف تضل .. ثم تتمادى في ضلالها، وتتّسع الزاوية، ويبعد الخط عن نقطة الابتداء، حتى ليصعب عليها أن تثوب!
وهؤلاء يعبدون ما يعبدون، فلا يتفكّرون ولا يتدبّرون هذه الرحلة الهائلة التي تمَّت في نفس إبراهيم عليه السلام!
ولم يكن هذا داعيًا لهم للتفكر والتدبّر، بل جاؤوا يجادلونه ويحاجّونه، وهم على هذا الوهن الظاهر في تصوّراتهم وفي ضلال مبين!
ولكن إبراهيم الذي وجد الله في قلبه وعقله، وفي الوجود كله من حوله، يواجههم مستنكرًا في طمأنينة ويقين: {قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ}!
أتجادلونني في الله تعالى، وهو يأخذ بيدي، ويفتح بصيرتي، ويهديني إليه، ويعرفني به؟!
لقد أخذ بيدي وقادني فهو موجود .. وهذا هو في نفسي دليل الوجود .. لقد رأيته في ضميري وفي وعيي، كما رأيته في الكون من حولي، فما جدالكم في أمرانا أجده في نفسي، ولا أطلب عليه الدليل، فهدايته لي إليه هي الدليل!
{وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ}!
وكيف يخاف من وجد الله؟
وماذا يخاف ومن ذا يخاف؟