وفي ختام تلك السورة نقرأ:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣)} (الشورى)!
وهنا نبصر مرّة من بعد مرّة قاعدة التصوّر الإِسلامي للسلام العالمي .. في حقيقة هذا الوحي .. هذا الروح .. هذا النور الذي تخالط بشاشته القلوب الحي يشاء الله لها أن تهتدي!
وقد حفظ لنا ديننا كيف ارتبط تاريخ الإِسلام والنبوّة بهذه الرحاب الطاهرة .. وكيف سعى إبراهيم الخليل عليه السلام، وأسكن من ذريته بواد غير ذي زرع .. وكيف كان الفداء!
وفوق هذه الأرض سعى خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على القبائل .. واستجاب الأنصار للرسول - صلى الله عليه وسلم - .. وفتحت مكة .. وخطب الرسول - صلى الله عليه وسلم - داعياً إلى الإيمان، مؤكدًا إكرامه الإنسان!
ونبصر في الحج وحدة إسلامية تظهر في أصالتها كل عام (١)، وفي بقاء هذا الدّين بعيداً عن التحريف والغموض والالتباس، وبقاء هذه الأمة بعيدة عن الانقطاع عن الأصل والمصدر والأساس، محفوظة من المؤامرات؛ المغالطات التي وقعت أمم كثيرة فريستها في الزمن الماضي، وعن هذا الطريق تبقى الأمّة
(١) انظر كتابنا {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}: ٢٦ وما بعدها، و"الإِسلام دين السلام العالمي وحاجة الإنسانية إليه": ١٠٤ وما بعدها.