وعلى كل، فهو مثل ينطبق تمام الانطباق على اليهود ومن على شاكلتهم .. وعلينا أن نأخذ من الخبر ما وراءه (١)، فهو يمثل حالة الذين يكذبون بآيات الله بعد أن تبيّن لهم فيعرفوها، ثم لا يستقيموا عليها!
وما أكثر ما يتكرّر هذا النبأ في حياة البشر -وبخاصة اليهود- ما أكثر الذين يُعطون علم دين الله، ثم لا يهتدون به، إنما يتّخذون هذا العلم وسيلة لتحريف الكلم عن مواضعه، واتباع الهوى به .. هواهم وهوى المتسلّطين الذين يملكون لهم -في وهمهم- عرض الحياة الدنيا .. وهو خلق يهود ومن على شاكلتهم!
وكم من عالم دين رأيناه يعلم حقيقة دين الله، ثم يزيغ عنها، ويعلن غيرها، ويستخدم علمه في التحريفات المقصودة، والفتاوى المطلوبة لسلطان الأرض الزائل! يحاول أن يثبّت بها هذا السلطان المعنوي على سلطان الحق وحرماته في الأرض جميعاً!
لقد رأينا من هؤلاء من يدعو للطواغيت الذين يدّعون حق التشريع ويبارك الجاهليّة .. ويخلع على هذا الفجور رداء الدّين وشاراته وعناوينه!
فماذا يكون هذا إلا أن يكون مصداقاً لنبأ الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين؟!
وماذا يكون هذا إلا أن يكون المسخ الذي يسجّله القرآن على صاحب هذا النبأ:
{وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ}!
(١) في ظلال القرآن: ٣: ١٣٩٧ بتصرف.