وقد حرص المسلمون على فتحه سلمًا وصلحاً، وقد تسلّم مفاتيحه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وسار على هذه السنة صلاح الدّين الأيوبي عندما استردّها من الصليبيّين (٥٨٣ هـ - ١١٨٧ م) بعد ما يقرب من تسعين عاماً، وانتهكوا حرمتها وقدسيّتها! (١)
وكانت القدس -على مرّ تاريخ الصّراع بين الغرب الصّليبي والشرق الإِسلامي- رمز هذا الصّراع، وبوابة الانتصارات .. حتى لقد لخّص الشاعر العماد الكاتب (٥١٩ - ٥٩٧ هـ/ ١١٢٥ - ١٢٥١ م) هذه الحقيقة من حقائق إستراتيجية هذا الصراع عندما قال لصلاح الدّين الأيوبي:
وهيّجت للبيت المقدّس لوعة ... يطول بها منه إِليك التشوّق
هو البيت إِن تفتحه والله فاعل ... فما بعده باب من الشام مغلق
ولقد حرص المسلمون عندما حرّروا القدس (١٥ هـ/ ٦٣٦ م) من الاستعمار الرّومانيّ .. الذي دام عشرة قرون -على أن يكون اسمها عنواناً على قداستها وقدسيتها اسم (القدس)، و (القدس الشريف) و (الحرم القدسي)، كما حرصوا على أن تكون السلطة الإِسلاميّة هي الضمان الوحيد لذلك .. فلم تحتكرها للإسلام، كما احتكرها الرومان لأنفسهم -عندما كانوا وثنيّن-
(١) مجلة المجتمع: العدد ١٨٤١ - ٣ ربيع الأول ١٤٣٠ هـ ٢٨/ ٢ / ٢٠٠٩ م بتصرف.