نظرت إلى الأوثان والطواغيت، فإذا هي راقصة في ملاعب الأهواء، إنها ساخرة منا، وما أمرَ سخرية الأعداء!
أقول أَن المؤمنين قد انتثروا، وكاد المخلصون أن يندثروا, ولم تعد الصحراء ترى حدة القوافل ولا المتعبدين في المنازل!
ونحن لا نشكو أن فاضت خزائن الكفار بالنضار، ولكن الشكوى أن يصيبنا الفقر والقصور، حتى لا نجد للجنة صداق الحور، ولا ثمن القصور!
يا ربّ رحماك! هب لنا ما عودنا فضلك من نصر وتأييد، فقد دارت بنا الكواكب في أفلاكها دورة العكس .. إن قدرتك هي قدرتك، وما لفضلك حدّ، ولا لنعماك عد .. لو شئت أجريت النهر في الصحراء، أو رفعت الجبال من الماء!
لم يبق لنا يا ربِّ من ثروة سوى الفقر، ولا من قوّة سوى العجز .. إن ذهاب المسلمين من الدنيا هو ذهاب الدنيا بأسرها، وما نطلب البقاء فيها لحظة إلا للفناء في حبّك يا أرحم الراحمين!
لقد ذهب الأغيار بما كان في أيدينا، وبقيت قلوبنا عامرة بك، وما بقاء الدين إلا ببقاء أهله، والجام بما فيه لا يبقى بغير ساقيه!
ربّاه! .. أين محافل العشّاق؟
أين الذين توضؤوا للصباح بمدامع الأشواق؟
أين الذين اقتبست الشمس من وجوههم الإشراق؟
لقد مضى زجل المسبّحين، وخف أنين المستغفرين، وخلا ضمير الليل