إحاطته بوحدة الوجود في كماله، وفي جهاده لبلوغ هذا الكمال فلا عجيب في ذلك ولا عيب فيه) (١)!
١٤ - بطلان فكرة وحدة الوجود
وفكرة وحدة الوجود، كما يقول أستاذنا الدكتور محمد أبو شهبة -رحمه الله- (٢) فكرة خاطئة وافدة إلى الإسلام فيما وفد إليه من آراء فاسدة، وهي من مخلفات الفلسفات القديمة، وقد انتصر لها وتشيّع بعض المتصوفة الذين ينتسبون إلى الإسلام، وكتبوا فيها، فكان عاقبتهم الإلحاد في الله وصفاته!
وقد أبان بطلانها كثير من علماء الأمة الراسخين في العلم، المتثبتين في العقيدة، والقول بها يؤدي إلى قول بالطبيعة، وقدم العالم، وإنكار الألوهيّة، وهدم الشرائع السماويّة التي قامت على أساس التفرقة بين الخالق والخلوق، وبين وجود الرب ووجود العبد، وتكليف الخالق للخلق بما يحقق لهم السعادة!
ومقتضى هذا المذهب أن الوجود واحد، فليس هناك خالق ولا مخلوق، ولا عابد ولا معبود، ولا قديم ولا حديث!
وعابدو الأصنام والكواكب والحيوانات حين عبدوها إنما عبدوا الحق؛ لأن وجودها وجود الحق، إلى آخر خرافاتهم التي ضلّوا بسببها، وأضلّوا غيرهم، والتي أشرف بالمسلمين، وجعلتهم شيعاً وأحزاباً!
ولقد بلغ من بعضهم أنه قال: إن النصارى ضلّوا؛ لأنهم اقتصروا على عبادة ثلاثة، ولو أنهم عبدوا الوجود كله لكانوا راشدين، وقال بعض المعتنقين لهذه الفكرة الفاسدة:
(١) انظر: حياة محمد: ١٨٩ - ١٩٤.
(٢) الإسراء والمعراج: ٤٤ وما بعدها بتصرف. ط. أولى دار الطباعة المحمدية.