ومعلوم أن أصحاب المنهج التاريخي في السيرة النبويّة لم يعرضوا الآيات القرآنيّة في أحداث السيرة، كما عرضها الأستاذ محمد عزة دروزة!
ومن هنا رأيت ضرورة ذكر الآيات القرآنيّة التي لابد منها في المنهج الصحيح في الدراسة، لنعرف كيف تسلّم (الدّين القيّم) القيادة بعد ما ظهر الفساد، وأسنت الحياة، وتعفّنت الأفكار، وذاقت البشريّة الويلات من القيادات الضالة، ومن ثم ظهر الفساد وعم بما كسبت الأيدي!
ولنعرف أن (الدّين القيّم) تسلّم القيادة بهذا القرآن، وبالتصور الجديد الذي جاء به القرآن، وبالشريعة المستمدة من هذا التصور، فكان ذلك مولداً جديداً للإنسان أعظم في حقيقته من المولد الذي كانت به نشأته!
ولنعرف أن هذا القرآن أنشأ للحياة تصوّراً جديداً على الوجود والحياة والقيم، كما حقق للبشريّة واقعاً اجتماعيًّا فريداً، كان يعز على خيالها تصوره مجرّد تصور قبل أن ينشئه لها القرآن إنشاءً (١)!
ولنعرف ما لهذا الواقع من النظافة والجمال، والرقي والكمال، والعظمة والجلال، والسمو والارتفاع، والبساطة واليسر، والواقعية والإيجابية، والتوازن والتناسق، بحيث لا يخطر للبشرية على بال، لولا أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- أراده لها، وحقّقه في حياتها!
ولنعرف كيف وقعت النكبة القاصمة، ونحّى الإسلام عن القيادة، لتتولاها الجاهليّة مرة أخرى، في صورة من صورها الكثيرة، من التفكير المادي الذي تتعاجب به البشرية اليوم، كما يتعاجب الأطفال بالثوب المبرقش، واللعبة الزاهية الألوان!
(١) مقدمة في ظلال القرآن، بتصرف.