وإن كنت شابًّا عاملاً فاقرأ سيرته - صلى الله عليه وسلم -، وهو يرعى الغنم!
وإن كنت قاضياً أو حكماً فانظر إليه - صلى الله عليه وسلم - حين قصد الكعبة ليضع الحجر الأسود في محله، وقد كاد رؤساء مكة يقتتلون، ثم ارجع البصر إليه مرة أخرى، وهو في فناء مسجد المدينة، يقضي بين الناس بالعدل، يستوي عنده الفاقد والواجد، الفقير المعدم والغني المثري، والقريب والبعيد!
وإن كنت زوجاً فاقرأ السيرة الطاهرة، والحياة النظيفة العفيفة النزيهة للرسول - صلى الله عليه وسلم - في البيت!
وإن كنت أباً فتعلم ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكيف كانت الحياة المثاليّة!
وأيًّا من كنت، وفي أي شأن كان شأنك، فإنك مهما أصبحت وأمسيت، وعلى أي حال بتّ أو أضحيت، فلك في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة، والقدوة الصالحة، تضيء لك بنورها دَياجي الحياة، وينجلي لك بضوئها ظلام العيش، فتُصلح ما اضطرب من أمورك، وتثقف بهديه أوَدك، وتُقوِّمُ بسنته عوجك، وصدق الله العظيم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} الأحزاب!
إن هذه الآية الكريمة -كما أسلفنا- تحمل في ألفاظها القليلة معاني كثيرة جليلة غزيرة، فقد أرشدت إلى الاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأومأت إلى أنه أقوم الخليقة منهجاً، وأشرفهم حالاً، وأطيبهم كلاماً، وأفضلهم أعمالاً!
وتدعو إلى التأسي به - صلى الله عليه وسلم - في أخلاقه وأفعاله، فيما هو مطلوب منا أن نتأسى به، في ثباته في الشدائد وهو مطلوب، وصبره على البأساء والضراء وهو مكروب لا يخور في شديدة، ولا يستكين لعظيمة أو كبيرة، ولقد لقي ما لقي مما يشيب النواصي، وهو مع الضعف يصابر صبر المستعلي، ويثبت ثبات المستولي!