رمقهم، ويستر عورتهم، يرزحون تحت أثقال الضرائب والإتاوات، ويرسفون في القيود والأغلال، ويعيشون عيش البهائم، حتى ترك كثير من المزارعين أعمالهم، أو دخلوا الأديرة فراراً من الضرائب، والخدمة العسكريّة (١)، وكانوا وقوداً حقيراً في حروب طاحنة مدمرة، قامت في فترات من التاريخ, ودامت سنين طوالاً بين المملكة الشرقيّة الساسانيّة والمملكة الغربيّة البيزنطيّة، لا مصلحة للشعب فيها ولا رغبة (٢)!
ولا نتحدث عن المجوسيّة، والبوذيّة، والهندكيّة، وغير ذلك مما كان منتشراً في هذا العصر الجاهلي، حتى لا يطول بنا الحديث!
وحسبنا ما ذكرنا من الحديث عن الإمبراطوريّة الإيرانيّة كنموذج؛ لأنها كانت الإمبراطوريّة المقابلة للإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة!
٧ - {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}:
قال تَعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} التوبة!
وفي هذا بيان ضلال عقيدة أهل الكتاب، وأنها تضاهئ عقيدة المشركين من العرب، والوثنيّين من قدامى الرومان وغيرهم، وأنهم لم يستقيموا على
(١) راجع المصدر السابق.
(٢) راجع المصدر السابق: مملكة الشرق ومملكة الغرب: ٢٦٩ - ٣٣٣.