قدروا على تزوير الأحداث ودس الأشخاص في جسم المجتمع الإسلامي، ليؤدوا الأدوار التي يعجزون عن أدائها وهم سافرون .. وقدروا على تحطيم الدول والمجتمعات والأنظمة والقوانين .. وقدروا على تقديم عملائهم الخونة في صورة الأبطال الأمجاد، ليقوموا لهم بأعمال الهدم والتدمير في أجسام المجتمعات الإسلاميّة على مدار القرون، وبخاصة في العصر الحديث!
ولكنهم لم يقدروا على شيء واحد -والظروف الظاهرية كلها مهيّأة- لم يقدروا على إحداث شيء في هذا الكتاب المحفوظ، الذي لا حماية له من أهله المنتسبين إليه، وهم بعد أن نبذوه وراء ظهورهم غثاء كغثاء السيل لا ينفع ولا يدفع ولا يمنع .. فدل هذا مرة أخرى على ربانيّة هذا الكتاب، وشهدت هذه المعجزة الباهرة بأنه حقًّا تنزيل من حكيم حميد!
لقد كان هذا الوعد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا .. أما اليوم -من وراء كل تلك الأحداث الضخام، ومن وراء تلك القرون الطوال- فهو المعجزة الشاهدة بربانيّة هذا الكتاب، والتي لا يماري فيها إلا عنيد جهول!
وإذا كنا قد عرفنا أن الكتب السماويّة قد أصابها التحريف والتزييف، والتبديل والتخريف، فإن الانحطاط قد بلغ غايته في العالم يومئذ:
في الدولة الرومية الشرقية، وفي مصر ذات النيل السعيد، والخصب المزيد!
والحبشة التي لم تكن بذات روح ولا طموح!
والأمم الأوروبيّة المتوغلة في الشمال والغرب، التي كانت تتسكع في ظلام الجهل والخرافة، والأميّة الفاشية، والحروب الدامية، ولم ينبثق فيها فجر الحياة بعد، ولم تظهر على مسرحها الأندلس الإسلاميّة، لتؤدي رسالتها في العلم