ويخلص دين الله -بهذا العهد وبهذا التصوّر- من العصبية الذاتية .. عصبية الرسول لشخصه، وعصبيّته لقومه، وعصبيّة أتباعه لنحلتهم، وعصبيّتهم لأنفسهم، وعصبيّتهم لقوميّتهم .. ويخلص الأمر كله لله في هذا الدين الواحد، الذي تتابع به وتوالى كل ذلك الموكب السنيّ الكريم!
وفي ظل هذه الحقيقة يبدو الذين يتخففون من أهل الكتاب عن الإيمان بخاتم النبيّين محمد - صلى الله عليه وسلم - ومناصرته وتأييده -تمسكاً بعقيدتهم كما يزعمون، لا بحقيقتها؛ لأن حقيقتها تدعوهم إلى الإيمان به ونصرته- يبدون متعصبين لأنفسهم في صورة التعصّب لعقيدتهم!
مع أن رسلهم الذين حملوا إليهم هذه الرسالات قد قطعوا على أنفسهم عهداً ثقيلاً غليظاً مع ربّهم في مشهد مرهوب جليل!
في ظل هذه الحقيقة يبدو أولئك الذين يتخلفون من أهل الكتاب فسقة عن تعاليم أنبيائهم، فسقة عن عهد الله معهم، فسقة كذلك عن نظام الكون كله، المستسلم لبارئه، الخاضع لناموسه:
{فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٨٢) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣)}!
إنه لا يتولّى عن اتباع خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم - إلا فاسق، ولا يتولى عن دين الله إلا شاذ .. شاذ في هذا الوجود الكبير .. ناشز في وسط الكون الطائع المستسلم المستجيب!
إن دين الله واحد، بعث به الرسل جميعاً، وتعاقدت عليه الرسالات جميعاً، وإن عهد الله واحد، أخذه على كل رسول، والإيمان بهذا الدين واتباع رسوله، ونصرة منهجه على كل منهج، هو الوفاء بهذا العهد، فمن تولّى عن