والفطرة البشريّة في أصلها متناسقة مع ناموس الكون، مسلمة لربها إسلام كل شيء وكل حي، فحين يخرج الإنسان بنظام حياته عن ذلك الناموس لا يصطدم مع الكون فحسب، إنما يصطدم أولاً بفطرته التي بين جنبيه، فيشقى ويتمزّق، ويحتار ويقلق، ويحيا كما تحيا البشريّة الضالة النكدة اليوم في عذاب من هذا الجانب .. على الرغم من جميع الانتصارات العلميّة، وجميع التسهيلات الحضاريّة الماديّة!
وكل ذلك من صنع (يهود) ومن على شاكلتهم!
إن البشريّة اليوم تعاني من الخواء المرير .. خواء الروح من الحقيقة التي لا تطيق فطرتها أن تصبر عليها .. حقيقة الإيمان, وخواء الحياة من المنهج الإلهي .. هذا المنهج الذي ينسق بين حركتها وحركة الكون الذي تعيش فيه!
إنها تعاني من الهجير المحرق الذي تعيش فيه بعيداً بعيداً عن ذلك الظل الوارف الندي، ومن الفساد المقلق الذي تتمرغ فيه بعيداً بعيداً عن ذلك الخط القويم والطريق المأنوس المطروق!
وكل ذلك من صنع (يهود) ومن على شاكلتهم!
ومن ثم تجد الشقاء والحيرة والاضطراب، وتحسّس الخواء والجوع والحرمان، وتهرب من واقعها هذا بالمسكرات، على اختلاف أنواعها، وبالسرعة المجنونة والمغامرات الحمقاء، والشذوذ في كل شيء!
وكل ذلك من صنع (يهود) ومن على شاكلتهم!
وذلك على الرغم من الرخاء المادي، والإنتاج الوفير، والحياة الميسورة، والفراغ الكثير .. لا، بل إن تلك الآلام تتزايد كلما تزايد الرخاء المادي، والإنتاج الحضاري، واليسر في كل وسائل الحياة ومرافقها!