وهي قولة يظهر فيها ضيق الصدر، وغيظ النفس، والعجب من السخف الذي يتجاوز كل مألوف!
عندئذ أخذتهم العزة بالإثم، كما تأخذ الطغاة البغاة العتاة دائماً، حين يفقدون الحجة، ويعوزهم الدليل، فيلجؤون إلى القوة الغاشمة، والعذاب الغليظ:
{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨)} الأنبياء!
فيا لها من آلهة ينصرها عبّادها، وهي لا تملك لأنفسها نفعاً ولا ضراً، ولا تحاول لها ولا لعبّادها نصراً!
قالوا: {حَرِّقُوهُ} ولكن كلمة أخرى قد قيلت .. فأبطلت كل قول، وأحبطت كل قيد .. ذلك أنها الكلمة العليا التي لا ترد:
{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)} الأنبياء!
فكانت برداً وسلاماً على إبراهيم - عليه السلام -!
كيف؟!
ولماذا نسأل عن هذه وحدها، و {كُونِي} هذه الكلمة التي تكوّن بها أكوان، وتنشأ بها عوالم، وتخلق بها نواميس:
{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} يس!
يكون هذا الشئ سماءً أو أرضاً .. يكون ناراً أو غيرها (١) .. هذا وذاك سواء أمام الكلمة .. كن .. فيكون!
(١) في ظلال القرآن: ٥: ٢٩٧٨.