الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشهد حلف الفضول (المطيّبين):
وعاش الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مطلع حياته مع قومه، يشاركهم وجدانهم في الخير، ويتجنب الشر ولا ينغمس فيه، فهو يعقل ما يتفق مع الفطرة المستقيمة التي فطره الله عليها، والمنهاج القويم الذي هداه الله تعالى إليه، وأدبه بأدبه!
ومن ذلك حلف الفضول (المطيّبين) الذي قال فيه ابن كثير: أكرم حلف سُمِع به، وأشرفُه في العرب (١)!
وقد كان ذلك الحلف والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ العشرين (٢)، وقالوا: إنه كان بعد حرب الفجَار بأربعة أشهر، وأن الفجار كان في شعبان من هذه السنة (٣)!
وكاَن سببه أن رجلاً من زبيد قدم مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل، فحبس عنه حقه، فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف: عبد الدار، ومخزوماً، وجمحاً، وسهماً، وعدي بن كعب، فأبوا أن يعينوا على العاص ابن وائل، وزبروه -أي انتهروه- فلما رأى الزبيدي الشر أوفى على أبي قبيس عند طلوع الشمس، وقريش في أنديتهم حول الكعبة، فنادى بأعلى صوته:
يا آل فِهر لمظلوم بضاعته ... ببطن مكة نائي الدار والنفر
وَمُحْرِمٍ أشعثٍ لم يَقضِ عُمرته ... يا للرجال وبين الحِجر والحَجَر
(١) السيرة النبوية: ١: ٢٥٩.
(٢) انظر: السيرة النبوية الصحيحة: ١: ١١٢، والسيرة النبوية: الذهبي: ٣٠.
(٣) السيرة النبوية: ابن كثير: ١: ٢٥٨ وما بعدها.