فهو - صلى الله عليه وسلم - مكلّف أن يجمع إلى صبره صبر جميع أولي العزم من المرسلين، وإلى عزيمته في القيام بحق رسالته قُوى عزائمهم في قيامهم بحق رسالاتهم!
ومن هنا قيل له بعد ذكر الأكابر من المرسلين في معرض الثناء عليهم، والحفاوة بهم، وأن الله آتاهم الكتاب والحكمة والنبوّة: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} الأنعام: ٩٠!
فخاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم - مأمور من ربّه أن يجمع إلى هداه هدى أولئك الأكابر من المصطفين المخلصين!
فالسيدة خديجة أم المؤمنين - رضي الله عنها - كانت صفوة الندرة في إلهامها قراءة ما كتب قلم الغيب في صحيفة ماضي محمَّد - صلى الله عليه وسلم - من أنباء معالم مستقبله في رسالته، فترجمت بكلماتها النورانيّة عنوانات تلك المعالم في مستقبله نبيًّا ورسولًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا!
ولهذا كانت - رضي الله عنها - في سجل الرسالة المحمديّة نفحة من نفحات المدد الإلهي لم تتكرّر ولن تتكرّر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم!
وقد قالت خديجة - رضي الله عنها - وهي تردّ على تساؤله الذي بدا فيه من الإشفاق على مستقبل دعوته التي كُلِّف تبليغها، تستبعد ما عسى أن يكون قد خطر في خواطره: كلاّ، والله! ما يُخزيك الله أبدًا!
كلاّ، يا أكمل الكملة، لن يقع لك ما تتخوّفه على نفسك الزكيّة العليّة من ضعف عن تحمّل أعباء ما شرّفك الله به من رسالة الخلود، ولن تعجز عن القيام بموجبات تبليغها؛ لأنّ الله تعالى هو الذي اختارك لها، وهو أعلم حيث