والهداية من حيرة العقيدة، وضلال الشعاب فيها هي المنّة الكبرى، التي لا تعدلها منّة، وهي الراحة والطمأنينة من القلق الذي لا يعدله قلق، ومن التعب الذي لا يعدله تعب .. وجاءت تذكره وتطمئنه على أن ربه لن يتركه بلا وحي في التّيه، وهو لم يتركه من قبل في الحيرة والتّيه!
إننا نبصر الحنان والرحمة والرضى والشجى، ينسرب من خلال آيات تلك السورة!
١٩ - موقف الإمام محمَّد عبده:
ومع هذا نرى الإمام محمَّد عبده -رحمه الله - قد وقف موقفًا عجبًا من حديث بلاغ التردّي من رؤوس شواهق الجبال، الذي بيّنا ردّه من قبل، حيث قال:
اتفقت الروايات على أن سبب نزول هذه السورة {والضُّحَى} هو حصول فترة في توالي الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فظنّ أو توهّم أو كما قيل إن الله تركه وقلاه .. إلى أن قال: وقد جاء في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حزن لفترة الوحي حزنًا غدا منه مراراً، كي يتردّى من رؤوس الجبال، ولكن كان يمنعه تمثّل الملك له، وإخباره بأنّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حقًّا!
وقال: ليس في نسق السورة {وَالضُّحَى} ما يشير إلى أن المشركين أو غيرهم كانوا بعرض من الخطاب، ومن أين للمشركين أن يعلموا فترة الوحي فيقولوا أو يطعنوا؟!
أما الإشارة في نسق السورة إلى أن المشركين كانوا بعرض من الخطاب (١)،
(١) محمَّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ١: ٤٥٢ وما بعدها بتصرف.