من الحبّة قبّة، وأسّسوا عليها بناءً متهاويًا، حيث زعموا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد تلقّى رسالة التوحيد النقيّة، من عالم نصراني، اختلف في اسمه وفي عقيدته!
وأغرب من هذا أن أحدهم ألف كتابًا أسماه (مؤلف القرآن) زعم أن بحيرى قد لقّن الرسول القرآن كله في هذا الوقت القصير!
وفاته أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن قد بعث!
وسبق أن ذكرنا طرفًا من الردّ على هذا التهافت!
وقد ذكر أقوال هؤلاء من كتبهم بشيء من التفصيل أستاذنا المرحوم الدكتور محمَّد عبد الله دراز، وردّ ودحض تلك المفتريات فأجاد وأفاد (١)!
ونجد أنفسنا أمام بيان (مفهوم القرآن)، ونحن نقرأ قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨)} (القيامة)!
ثم صار علمًا شخصيًا لذلك الكتاب الكريم (٢)، يطلق بالاشتراك اللفظي على مجموعه، ويطلق على بعضه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء: ٩)!
{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} (الأعراف)!
وروعي في تسميته قرآنًا كونه متلوًا بالألسن، كما روعي في تسميته كتابًا كونه مدوّنًا بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية شيء بالمعنى الواقع عليه!
(١) انظر: مدخل إلى القرآن الكريم: عرض تاريخي وتحليل مقارن: ١٢٩ وما بعدها، دار القلم، الكويت.
(٢) النبأ العظيم: نظرات جديدة في القرآن: د. محمَّد عبد الله دراز: ١٢ - ١٤ بتصرف.