{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} (النساء)!
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧)} (آل عمران)!
ثم يجمع القرآن الكريم هذه القوانين المفصّلة، فيردّها إلى قانون كليّ أعلى، يضع معيار العاطفة الرحيمة، وميزان الفطرة السليمة، مكان تلك الموازين الجشعة الأثيمة، يقول لنا:
الشأن كل الشأن ليس في كثرة العدد، ولكن في طبيعة المعدود .. قليل طيّب مبارك فيه، خير من كثير ممقوت لا بركة فيه: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} (المائدة: ١٠٠)!
أجل، هذا هو قانون القيم ودستورها الأعلى .. إنه لا يسري على الأموال وحدها، ولكنه ينطبق كذلك على الأقوال والأعمال، والأحكام والآراء، ونظم الشورى والدفاع، وسائر شؤون الجماعة والفرد، في السلم والحرب:
{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} (البقرة: ٢٤٩)!
{فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦)} (الأنفال)!
هكذا يجب أن نصحّح نظرتنا إلى قيم الأشياء، فإن الجودة فوق الكثرة، والنوع قبل العدد!